TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من يحمي السياسة من السياسيين؟

من يحمي السياسة من السياسيين؟

نشر في: 28 مايو, 2010: 05:10 م

علي حسن الفوازكثيرون هم الذين يتحدثون عن الدولة الجديدة، وعن الديمقراطية والحرية والمجتمع المدني والحقوق السياسية ومواصفات الحكومة والامن والسياسة وغيرها من  المصطلحات التي باتت رائجة في الاعلام السياسي، خاصة عند بعض الساسة من رجالات الحكومة والبرلمان او عند محللي التلفزيون الستراتيجيين والاختصاصيين في هذا الشان او ذاك كما تسميهم عناوينهم!!
لكن هذه الكثرة لم تتحدث كثيرا عن ثقافة الدولة ولا عن مفهوم الدولة المدنية والمؤسساتية وعن توصيفها وشروط صناعتها ولا طبيعة العلاقة بين المكونات في نسقها، ولا حتى عن خصوصية وطبيعة ثقافة المصطلح او ثقافة المفهوم، وعن الكيفية التي ينبغي ان تدار بها الامور خارج انماط الثقافات العصابية التي مازالت للأسف تهيمن على أكثر مفاصل المشروع السياسي للدولة، خاصة في سياق استخدام وتداول وتوظيف هذه المصطلحات والمفاهيم، إذ أن الكثير منهم من يفسر هذه الأمور داخل إطار ما تحدده  المصالح والأجندات والأوهام والعقد الشخصية. فنحن نسمع ونشاهد وباصرار شديد أحاديث غريبة عجيبة لبعض السياسيين داخل العملية السياسية وخارجها وبعض البرلمانيين والمحللين والمتابعين، تلك التي يختلط فيها المفهوم مع غيره دون تجانس، والفكرة مع ما يخالفها ويجاورها دونما رابط علمي يؤشر حرفنة في تصريف هذه المفاهيم، خاصة اولئك الذين تضيفهم بعض القنوات التي تروّج لخطاب سياسي واعلامي مشوش وغامض وفيه من النفس المعادي للعملية السياسية الشيء الكثير، اذ تضيف هذه القنوات شخصيات لاتملك الاّ هذا الخلط والتشكيك وسوء النيات،  ناهيك عن خلط  مقصود واستباقي يطلقه اساسا المعنيون باعداد هذه البرامج!! واحسب ان نتائج هذا الخلط المفاهيمي  لاتنتج الاّ تصورات وطروحات تتشوش عندها الاشياء دائما، تلك التي تترك المشاهد والمتابع عند المزيد من القلق والحيرة والشكوك. فكيف هو الطريق الى ايجاد فضاء حر يحمي تداول المفاهيم وتحديد سياقها الاجرائي، ويحدّ من ظاهرة قهر الآخرين مفاهيميا ومعلوماتيا واعلاميا؟ وكيف هو الطريق لصناعة الفضاء الثقافي الذي يمكن ان تسهم به المؤسسات الاعلامية والبرلمانية وحتى القانوية لكي تحمي هذه المعلومات والمسؤولين عن الايغال في تشويه صناعتها؟ ومن المسؤول عن امكانية تأمين مصادر نجاح هذه الصناعة الثقيلة وتعزيز قيمتها المعرفية والقانونية والاخلاقية داخل الدولة وشروطها الدستورية؟ وكيف هي مسؤولية السياسي والمثقف والمواطن في هذا المساربعيدا عن اوهام رماة الحجر الذين لاهمّ لهم سوى مايبدو لامعا بعد حروبهم الصغيرة ومصالحهم الدسمة؟ وهل ثمة مسؤولية اخلاقية واعلامية وثقافية باتجاه حماية مشروع الدولة الوطني الذي راح ضحيته الاف من الناس من تكريس ظاهرة التخندق والقراءات نصف المفهومة للحدّ من استمرار ظواهر الحروب والمصالح والسياسات المغشوشة؟ وهل التشويش في المواقف والاصرار على هذا السلوك يعكس توجها او سوء نية في قراءة المشهد العراقي والتغافل عن همومه الحقيقية؟ وهل هذا الاصرار يعني ان البعض لايريد ان يرى ضوءا خارج العتمة، وان الهوس بالخلاف والتقاطع هو تعبير عن نيات وعقد وليس تعبيرا عن حرص او مسؤولية او وجهات نظر قابلة للجدل والحوار؟ وهل ينبغي للجهات المعنية خاصة في المجلس التشريعي باعتباره مجلسا دستوريا ان تمارس مسؤولياتها القانونية في تسليط الضوء على هؤلاء الذين يرمون الحجر في الطريق؟ وهل ثمة مرجعيات قضائية يمكنها ايضا ان تضع سياقات عمل مهنية وقانونية صارمة تتحدد بموجبها مسؤولة هذه الشخصيات عن اي خلل او ارباك يضر بمصالح العملية السياسية؟هذه الاسئلة باتت ساخنة مع مخاضات العملية السياسية والمنعطفات التي تقف عندها، اذ تبدو هذه الاسئلة وكأنها تعبير عن وجه اخر للمواقف والمسؤوليات والنيات، اذ نجد بعض السياسيين لاشأن لهم الان سوى التشكيك بالعملية السياسية، وتعويقها، والتشكيك بكل ما تحقق فيها برغم صعوبته، ومحاولة منع اي اتفاق وطني من شأنه ان يعطي دفعة لهذه العملية لكي تتجاوز بعض تداعيات ملفاتها وخاصة الملف السياسي..  فاذا كان البعض يقول ان الملف الامني والملف الاقتصادي هما جزء من مشكلات الملف السياسي، فلماذا لايبادر هؤلاء السياسيون الى الوضوح في التعاطي مع مشكلات الملف السياسي ذاته والوقوف بحرص ومسؤولية امام همومه وتعقيداته ومنها الحديث المفتوح الان عن الاتفاقية العراقية الامريكية، اذ كثيرا  ما نستقرئ  في التصريحات التي تقال هنا او هناك مواقف غير واضحة، بعضها لايريد انجاح دور الحكومة في انضاح عوامل الموقف الوطني، وبعضها مرتبط باجندات خارجية لها حساباتها مع اي تطور قد يحدث في الوضع السياسي في العراق، وبعضها يراهن على التعقيدات التي يمكن ان تحدث في العملية السياسية العراقية خاصة بعد انتهاء تفويض القوات متعددة الجنسيات في العراق، والمشكلات الدولية والاقليمية والداخلية الحادثة في حالة توقف هذه القوات المحتلة من دعم الجانب الامني، فضلا عن المواقف التي قد تمارسها بعض القوى الدولية من خلال حساباتها المعينة في حالة نقل الملف العراقي من جديد الى مجلس الامن والابقاء على البند السابع والابقاء على مهيمنات الاحتلال العسكري للعراق..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram