TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > الطبخ الذي جعلَنا بشراً!

الطبخ الذي جعلَنا بشراً!

نشر في: 29 مايو, 2010: 04:40 م

ترجمة / عادل صادققبل مليونين و نصف المليون من السنين فقط، كبرت أدمغتنا. و بعدها بأقل من مليون سنة، كبرت أدمغتنا مرةً أخرى، و تغيّرت وقفتنا و طريقة سيرنا، و انكمشت فكوكنا، و صرنا أطول.هذان التغيّران يحددان نوعنا في الخليقة، ويميّزاننا عن زميلاتنا الرئيسات الاخريات (من الثدييات). هذا ما يقوله ريتشارد رانغهام في كتابه الجديد (الامساك بالنار: كيف جعَلَنا الطبخ بشراً).
ولدى رانغهام فِكَراً جديدة عن السبب في حصول هذه التغيّرات. فهو ليس لديه محاججة مع الحكمة المقبولة بوجهٍ عام و التي مفادها أن أول تحوّل لنا ــ من الكائنات الرشيقة الحرة التسلّق إلى الهابيلاين habiline مستخدمي الأدوات و المياّلين للعيش اجتماعياً ــ كان نتيجةً للتغذي على اللحوم. لكن خاصية التغيّر الثاني ــ من الهايبيليس العاقل إلى الانسان البدائي الهومو إيريكتَس ــ لم يتم تفسيرها بشكل ملائم، و يعتقد رانغهام بأن لديه الجواب على ذلك : فقبل 1.8 مليون سنة، تعلّمنا أن نطبخ. و الطبخ يحسّن القيمة الحرارية للغذاء، و يوسّع مدى ما هو صالح للأكل. و قوّى ذلك حرفياً نشوءنا أو تطورنا. إن الفِكَر الكبيرة الجيدة في ما يتعلق بالنشوء نادرة. و غالباً تكون مجرد قصص، تربط معاً نتفاً معقولة ظاهرياً من السبب و النتيجة على مدى مشهدٍ عقلي intellectual أكثر تعقيداً بكثير. و للوهلة الأولى، تبدو محاججة رانغهام قد تمّ اصطيادها من تلك المجموعة المراوغة. و لا أحد يمكنه أن يعرف بالتأكيد متى أصبح الطبخ سارياً لأن المصادفات دقيقة بحيث لن يعثر أحد أبداً على لحم مشوي نصف مأكول و يميزه على حقيقته. ( و لقد وجد علماء الآثار أفراناً أرضية من فترة ما قبل أكثر من 250,000 سنة و هو أمر مذهل تماماً ). و يمكن القول إن مهمة رانغهام ، عندئذٍ، تلحق بالدليل المفحم على أن اختراع الطبخ هو التفسير الممكن الوحيد للتحوّل الذي أوقفنا على أقدامنا، و قلّص معدتنا، و منحنا أسناناً بسيطة و ألواح فكوكٍ متراجعة، و ضخّم أدمغتنا إلى حجمها الحالي. و الخبر الكبير هنا أن المؤلف يحقق نجاحاً. فـكتاب ( الامساك بالنار ) شيء نادر، كتاب في العلم يبعث على الانتعاش. و هو ، بسبب من اهتمامه بموضوع الأكل و الطبخ، كتاب ينوي أن يقاوم اختبار الزمن.إن ظهور أسنان إنسان الهومو إيريكتَس ، و شكل جمجمته و سعة معدته تحتل موضع القلب من تقرير رانغهام. و هذا هومونيد hominid كان يمضغ أقل و يفكر أكثر. و الأدلة الاستنتاجية التي يجمعها رانغهام، إن كان هناك شيء منها، هي أكثر اضطراريةً حتى. فمراجعته الأدب الأنثروبولوجي، مثلاً، تبيّن أن لا أحد، قديماً أو حديثاً، مستقراً أو متنقلاً، قد استمر في البقاء لأكثر من موسمين على غذاء معين بالحالة الطبيعية أي خاماً. و البشر، يقول رانغهام، مكيَّفون للطعام المطبوخ مثل تكيّف البقر للحشيش. و هما تكيّفان بدني و سايكولوجي. فلماذا ما تزال النساء يقمن بإنجاز أعمال منزلية أكثر من الرجال؟ لماذا هناك هذه الكثرة من العنف المنزلي الذي تجر إليه إخفاقات ظاهرة أو مدرَكة في التحضير و التموين الجاهز للطعام؟ يعتقد رانغهام بأن الزواج الأحادي البشري قد نشأ أو تطور كمضرب حماية، حيث يضمن الذكور أن زوجاتهم الضعيفات الملازمات للموقد لا يجعلن طعامهم يتعرض للسرقة. إن انسلال رانغهام إلى مجال السايكولوجيا النشوئية يهيّء أجراس الانذار للرنين. لكن الانذار ، مرةً أخرى، يبرهن على أنه كاذب. و لقد انقضت حياة رانغهام في دراسة علم البيئة السلوكية المتعلق بالقردة. و هو يستوعب علم اقتصاد الطبخ و يفهم كيف أنه يمكن قد أثّر في سلوك الرئيسات الاجتماعي. و حججه مقنعة و هو لا يدعي الكثير جداً في مسألة تبصراته في حياة نوعنا المنزلية الأقل هناءً. و وفقاً لكل أرثنا الخاص بالرئيسات (أو الثدييات)، فإننا ما نزال ما نعتقد بأننا كنّاه قديماً : قرداً متكيّفاً. و إن ماضينا يحرف سلوكنا الحاضر بطرق ينبغي علينا أن نفهمها. و أخيراً، مع هذا، فإن ظرفنا الاقتصادي المباشر يسيطر على الطريقة التي نطبخ بها و نأكل و نتصرف في ما يتعلق بالطعام. و معدلات السمنة المنزلية تستمر في التصاعد، و هذا يشكل تحريراً liberation و قلقاً معا.عن / Telegraph Books

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram