نانسى جيبزلماذا ينتظر الناس في كل مكان ، بشوق شديد، مغامرت غلام  ساحر اسمه هاري بوتر ؟! ربما لأنهم يرون أنفسهم فيه. فى الصيف  الماضي تمكنت فيه «كاتى هوتش» أن تقفز على  الحبل مائة قفزة دون توقف، اكتشف الأطباء أن الألم الذى تعانى منه فى خاصرتها يسببه ورم خبيث فى كليتها. قالت «جينا بيكا»، أم كاتي، متذكرة:
 «فى لحظة واحدة تجد حياتك كلها قد انقلبت رأساً على عقب.. يحاول الإنسان أن يهيئ لأطفاله حياة آمنة، فى بيت تراعى فيه شروط السلامة وطعاما تتوافر فيه عناصر الصحة، حتى يتصور أنه قد سيطر على الأوضاع كلها.. لكنه فى الحقيقة لم يفعل شيئاً من ذلك».فى السنتين التاليتين، لم يتمكن الأطباء من السيطرة على المرض. تعرضت كاتى فى هاتين السنتين لسبع جرعات من العلاج الكيماوي، وثلاث جراحات فى الرئة وجراحة أخرى فى الكبد.فى تلك الأيام، راحت الأم، جينا، تقرأ لابنتها الأجزاء الثلاثة الأولى من قصة هارى بوتر، التلميذ فى مدرسة السحر.. ذلك الصبى الذى يقاوم أعداءه الأشرار بشجاعة وبسالة.وفى طريقها من بيتها فى شمال ولاية نيويورك إلى مدينة نيويورك للعلاج، وربما تأثراً بشخصية هارى بوتر، كانت كاتى ترتدى قبعة حمراء وتلصق على جبهتها علامة حمراء تشبه ندبة الجرح على شكل شعاع البرق وتغطى عينيها بنظارة سوداء كبيرة وتمسك بيدها عصا تشبه عصا السحرة.. لقد كانت على استعداد لمواجهة الصعاب كلها.فى كانون الاول ، كان الجميع قد يئس من شفائها، فعادت كاتى إلى بيتها، ولم يتوقع أحد أن تظل على قيد الحياة حتى تقرأ الجزء الاخير  من هارى بوتر.فى تلك الأيام، وصلتها رسالة إلكترونية من شخصية تقيم فى بريطانيا.. شخصية سمعت عن صبية عمرها ثمانى سنوات تعيش فى نيويورك، مغرمة بهارى بوتر. قالت صاحبة الرسالة: «إننى أعمل جاهدة للانتهاء من كتابة الجزء الاخير ».كانت صاحبة الرسالة هى جى كى رولينج، مؤلفة قصة هارى بوتر. وقد حكت فى رسالتها لكاتى عن الفصل الذى كانت تكتبه، وحدثتها عن الأستاذ لوبين، الرجل الذئب، وهو من شخصياتها المفضلة. وكلمتها عن بعض الشخصيات الجديدة التى ستظهر للمرة الأولى فى الجزء الرابع.. ثم حذرتها: «إن هذه المعلومات سرية للغاية.. فلا تطلعى عليها أحداً، وإلا.. تلقيتِ بومة تحمل إخطاراً بالبريد النباح من وزارة السحر.. لأنك أفشيت أسرارنا إلى المَجِل».. أى الناس العاديين. وكان التوقيع فى النهاية باسم: جى كى رولينج.. أو «جو» كما يعرفها طلاب قسم «جريفن دور».فى الأيام والأسابيع التالية، كتبت كاتى لصديقتها الجديدة عن حفل عيد ميلادها، وعن أصدقائها، وعن كلبها الجديد الذى أسمته «بوتر جريفندور هوتش»؛ وهو مكون من لقب هارى بوتر ثم اسم القسم الذى يقيم فيه هارى فى مدرسة السحر ثم لقب عائلة كاتي. وكانت معنويات كاتى تتحسن يوماً بعد يوم، وتزداد إشراقاً من سعادتها بصديقتها الجديدة التى ظلت تراسلها باستمرار. وكانت «جو رولينج» ترد على الرسائل باستفاضة، وتحدثها عن بيتها الذى تعيش فيه فى اسكتلندا: «حيث تصطك النوافذ طول الوقت من شدة الريح فى شهر يناير، فأسمع أصواتاً غامضة مخيفة».. وقالت لها فى إحدى الرسائل: «إننى أسكن فى الطابق الأعلى مثل رون صديق هارى بوتر.. وفى الليالى العاصفة، مثل هذه الليلة، أستيقظ كل حين متسائلة: ما هذا الصوت؟.. فأنا كما ترين لست فى شجاعة هارى بوتر، ولو علمت مثلا أن هناك أفعى عملاقة تتجول فى بيتى ليلاً.. سوف أنكمش فى سريرى وأختبئ تحت الغطاء، وأترك غيرى يواجهها ويتخلص منها».. وقد حدثتها جو عن الأشياء الأخرى التى ترهبها، فقالت: «لا مانع عندى من مواجهة أناس فى مثل عمرك والحديث معهم.. أما الكبار، فإنى أرهبهم فعلاً».كانت جينا، أم كاتي، تتابع الصداقة التى تنمو بينهما وتزدهر، وتلقت كاتى هدايا بالبريد من رولينج، مثل دمى على شكل بومة وقط بني. تقول جينا: «لم أصدق نفسى عندما وصلتنا الرسالة الأولي، لكن العجيب حقا هو استمرار المراسلة بينهما.. لم تكن مجرد رسالة أو رسالتين من كاتبة سمعت أن طفلة مريضة فأرسلت إليها تمنياتها بالشفاء..وإنما صداقة حقيقية.. كانت رولينج تقتطع من وقتها الثمين لتراسل كاتي».هل كان ذلك نوعاً من الشفقة؟!!.. ربما كان إعجاباً.. فبعد ذلك بشهور، قالت رولينج لمجلة تايم فى حديث لها عن شخصياتها التى ابتكرتها: «الشجاعة هى أكثر الصفات الإنسانية التى تثير إعجابي.. فالشجاعة فضيلة رائعة..وأعنى هنا الشجاعة فى كل مجالات الحياة». فهي، كما عبرت عنها رولينج فى الفصل الأول من الكتاب الأول، هارى بوتر وحجر الفلاسفة: «إنها الفضيلة الوحيدة التى لا يمكن ادعاؤها كذباً.. فأنتَ إما أن تتقدم نحو الغابة المليئة بالعناكب العملاقة وإما أن تحجم.. تواجه البلطجى أو تختبئ منه.. تتمسك بالأمل أو تستسلم لليأس والضعف».توجه رولينج حديثها للأطفال باعتبارهم يعرفون هذه الأمور ويفهمونها أكثر منها. والأطفال يحبون الشخصيات التى ابتكرتها؛ وأحب الشخصيات إلي