بعد جهود مضنية ومعارضات شديدة وعراقيل مقصودة واتهامات باطلة افتتحت الكلية الطبية العراقية في الرابع من شهر تشرين الاول سنة 1927 وتخرج فيها من صعد الى اعلى المراتب الجامعية واشغل اخرون اخطر المناصب الادارية
في الشؤون الطبية كما نال قسم منهم الجوائز التقديرية والشهادات الفخرية من ارقى الجامعات في العالم تكريما لاعمالهم في العلوم التي اختصوا بها وقد دفعتني ذكريات هذه الكلية التي تخرجت في اختصاصها وتادبت على مبادئها وسلكت طريق اساتذتها الفضلاء انت احاول كتابة تاريخها كما عرفته بالمشاهدةوالرواية المحققة منذ كانت فكرة تاسيسها بارقة في الاذهان يوم ولادتها في مخاض عسير والمراحل التي مرت بها وامالها وتجاريبها حتى اضحت تضاهي اشهر كليات الطب في العالم وكتابة مثل هذا التاريخ الطويل المتشعب الذي اطمح الى تحريره لا يخلو من مشاق وعقبات ان لم اكتف بالاعتماد على الذاكرة والرواية وحدهما دون مراجع معتمدة واخبار موثقة وقد هيا الله لي زميلا من تلامذتي النجباء هو الدكتور ضياء الموسوي كانت تخامره الفكرة نفسها فجمعت بيننا الغاية لنضع خطة عمل مشترك كي ننجز العمل الذي ننشده فاستكتبنا من اجل ذلك عددا غير قليل من خريجي هذه الكلية في سنواتها العشر الاولى فوافونا بمعلومات قيمة عالية غير التي وجدناها في المصادر الاخرى عن الكلية في تلك السنوات كما افادتنا جريدتا الزمان لابراهيم صالح شكر والعراق لصاحبها رزوق غنام اللتان واكبتا مسيرة كلية الطب في منتصف العقد الثاني من هذا القرن كذلك وجدنا في محاضر المجلس النيابي فيما بين سنة 1927 وسنة 1929 معلومات ممتعة جدا لما واجهته فكرة تاسيس هذه الكلية من معارضة او تاييد ووجدنا ايضا في الارادة الملكية التي نشرتها جريدة الوقائع العراقية بعددها 582 سنة 1927 توكيد لتلك المقررات التي انتهت بالموافقة على تاسيس الكلية اما مذكرات سندرسن بترجمتها العربية فهي مصدر مكمل لا اساسي في تاريخ هذه الكلية ذلك لانها لم تتناول الجزيئات الجوهرية التي يهتم بها القارئ العراقي في تاريخ كلية الطب كما ان سندرسن لم يعن بتواريخ الاحداث وخصوصا في جزيئات السنين المعنية كما لم يضمن كتابه باي ممستند مكتوب عن اوليات نشوء الكلية وما اكثر تلك المستندات الموجودة حتى هذا اليوم في دوائر الصحة والكلية الطبية فاعتمد سندرسن على ذاكرته وهو بعمر متاخر والذاكرة كثيرا ما لا تصدق فكان من ذلك اخطاء كثيرة لم يفتنا الانتباه اليها وافادنا ايضا كتاب الدكتور هاشم الوتري والدكتور معمر الشابندر في نشوء وتقدم الكلية الطبية الملكية العراقية وكتاب الدكتور صائب شوكة في تاريخ المعاهد الصحية في العراق، وقد انتبهنا الى بعض التناقض في هذين الكتابين كذلكم افادنا التقرير السنوي القيم الذي اصدره مدير الصحة العام الدكتور حنا الخياط سنة 1925 -1927 من اعمال مديريته وعن الاطباء الاجانب الذين اشتغلوا في الوظائف الادارية والعلاجية فيها وهكذا تجمع لدينا ملف ضخم من الاوراق والقصاصات فيما نحن وراءه فضلا عما كان لدينا من ذكريات ومعلومات قريبة من اليقين عن الكلية في سنوات الثلاثينيات حين كنت على اتصال مباشر ودائم مع اساتذتها الاوائل وقد نجحنا انا والدكتور ضياء في ربط تلك المعلومات مع بعضها وكدنا نصل الى مرخحلة تقديمها بكتاب للنشر قدرنا يكون مفيدا وممتعا معا لا للاطباء وحدهم بل لكل قارئ يهمه تاريخ المعاهد العلمية في العراق الحديث وذات يوم حمل الدكتور ضياء مسودات هذا الكتاب من مكتبتي الى بيته لينضدهاويتاكد من تسلسل اوراقها الا ان القدر كان لنا بالمرصاد فقضى ان يتوفى الدكتور ضياء في صباح اليوم التالي متاثرا بالسم الذي دس له غدرا وفي اربعينية ابنته بحزن عصر فؤادي وابكاني واستخبرت بعد ذلك اهله عن الكتاب فلم يعثروا عليه في اي مكان يمكن ان يكون فيه فما كان مني الا ان اعود الى المصادر التي اعتمدنا عليها اولا والى الذكريات التي ما زالت تنبض في خاطري.rn*اول من فكر بتاسيس كلية طب في بغداداثر دخول الانكليز الى العراق انشئت سنة 1919 دائرة باسم مصلحة الصحة المدنية في العراق بادارة الكولونيل لين وكالة وحين أدرك المسؤول حال الصحة المتردية في العراق فكر في تاسيس مدرسة لتعليم الطب وبعد عام واحد رفع تقريره الى الجهات الحكومية المعنية بشؤون الصحة ومما ذكر فيه عن موضوع تعليم الطب قوله لا يمكن التحدث في تاسيس مدرسة طبية ما لم تتخل السلطات العسكرية عن بناية المستشفى البريطاني الثابت رقم 23 المجيدية ولهذا يكون لين اول من فكر بضرورة تاسيس كلية طب في العراق وتعتبر تقاريره عن الصحة في العراق في تلك الحقبة مصدرا يحظى بالثقة والصدق.rn*الجمعية الطبية البغداديةاسس لاطباء بغداد سنة 1920 جمعية طبية باسم الجمعية الطبية البغدادية وقد نسبوها الى بغداد لان اعضاؤها كانوا جميعا من بغداد حصرا وهم خليط من العراقيين الذين درسوا الطب في استنبول او في بيروت ومن الاطباء الاتراك الذين تخلفوا عن الالتحاق بالجيش التركي الذي انسحب من العراق بعد موقعة الكوت الشهيرة سنة 1917 كما كان بينهم تسعة م
من ذكريات الراحل الدكتور كمال السامرائي..قصة تأسيس الكلية الطبية في بغداد
نشر في: 30 مايو, 2010: 04:30 م