ترجمة: عدوية الهلالي"بأفكار بسيطة ،كنت قد حلقت نحو الشرق المعقد".وجدت هذه العبارة الشهيرة التي قالها الجنرال الفرنسي ديغول مكانا لها في مقدمة كتاب المؤلف جيلبرت سينويه الذي يقوم على هذه الفكرة. يقدم المؤلف في كتاب مكون من مجلدين يحمل عنوان (ان شاء الله) لوحة تاريخية ضخمة تتناول الشرق الأوسط موضوعا لها.
يحمل الجزء الأول الذي صدر مؤخرا عن دار فلاماريون للنشر في 432 صفحة عنوان ( نفحات الياسمين) ويغطي الفترة الممتدة مابين عامي 1916 و1956.. اما الجزء الثاني الذي سيصدر في الخريف المقبل فسيقود القارئ في الفترة التي تليها وصولا إلى عام 2001 وتفجيرات الحادي عشر من ايلول الشهيرة.يتناول الكتاب مصائر خمس عوائل وهمية ، عراقية ، مصرية ، يهودية ، وعائلتين فلسطينيتين ..وتمتزج احداث حاضر تلك العوائل بالماضي الذي يضم شخصيات تاريخية مهمة بدءا بـ(بن غوريون) ومرورا بتشرشل وروزفلت وصولا الى جمال عبد الناصر ..ويهدف المؤلف الى ايصال حقيقة الى القارئ وهي ان الماضي والحاضر يعلنان عن كون منطقة الشرق الاوسط تبقى ساحة دائمة للنزاعات والحروب محاولا مناقشة الاحداث التي جعلت من الشرق الاوسط (مخزن متفجرات) بموضوعية وحيادية. ويشير المؤلف في كتابه الذي اراد له ان يحمل سمات الرواية التاريخية الى مسؤولية انكلترا وفرنسا عن المعاناة التي كابدها سكان تلك المنطقة بدءا من عام 1916 التي ابرمت فيها اتفاقية (سايكس بيكو ) حيث اتيح لقوتين اوربيتين هما انكلترا وفرنسا ان تتقاسما المنطقة بعد سقوط الامبراطورية العثمانية ..فهو يعتقد ان هاتين الدولتين امتلكتا كل الأوراق في يديهما لكي تبعدا عن دول مصر وفلسطين والعراق وسوريا شبح الاضطهاد المرير الذي عاشته ..لكن هذا الأمر لم يحصل وبدلا من ذلك تعاقبت الأخطاء والخيانات لتحصد دول تلك المنطقة النتائج. ويصف المؤلف بشكل رائع ايضا عجز الانكليز عن ادراك وقبول تعطش مصر الى الحرية متناولا صعود عبد الناصر الى السلطة وتاثير شخصيته الفذة وقدرته على اتخاذ القرار على الآخرين ومشيرا الى دوره في تأميم قناة السويس الذي يعتبره المؤلف امرا شرعيا كان قد أعطى ايذانا بانتهاء التسلط الأوروبي في المنطقة ..ولا يفوت المؤلف بالتأكيد ان يناقش الحلم اليهودي وأحقية اليهود في إقامة دولتهم في اسرائيل مقابل الخوض في حمامات لا تنتهي من الدم الفلسطيني .....بهذه الطريقة ينتهي الجزء الأول من كتاب (ان شاء الله) بجزئه (نفحات الياسمين) بانتظار صدور الجزء الثاني منه..