عبدالله السكوتي والمشهدي هو النجفي ويحكى في هذا ان شخصا من اهل النجف مر بنجفي ينازع رجلا من غير اهل النجف، فما كان من المار الا ان ضرب الشخص الغريب على علبائه قائلا: (انطي حك المشهدي) فقال له الغريب: انا صاحب الحق فرد النجفي عليه اذن اصبر،
وهذا المثل يضرب للذي يتحيز ويتغير موقفه في اللحظة ؛ وهذا جزء من اخلاق العشيرة التي طغت على تفكير الناس بحسب الزمن الذي يعيشون فيه، حيث كانت المؤسسة الوحيدة التي تكفل حق الفرد وربما مصادرته، ثم تطور هذا التفكير ليشمل المدينة اذا كان الخلاف مع مدينة اخرى، وكثيرا ماسمعنا قولهم (انته ابن ولايتي)، اي ان مفهوم العشيرة تطور ليصل الى المدينة على اعتبار ان العشائر التي تسكن مدينة معينة تكون متقاربة في الاصل والانتماء وكذلك الطائفة ولذا نرى المشهدي يتعصب للمشهدي وكذلك باقي المدن، وهذا يعود الى تأليف الجماعة والكتلة، حيث تضمن الجماعة في اغلب الاوقات حقوق الفرد فأصبحت بالتالي حافزا للفرد كي يدافع عن حقوقها هو ايضا وتطورت العملية حتى صيغت القاعدة المعروفة (انصر اخاك ظالما او مظلوما) وحاول نبي الرحمة محمد (ص) ان يصحح ماجاء في هذه القاعدة حين سئل عن كيفية نصر الاخ ظالما فقال: ان تردعه عن الظلم ولكن مع هذا بقيت هذه القاعدة حية في مجتمعاتنا وتطورت تحت ستار العشيرة بمباركة حكومية من قبل النظام السابق حتى صار للعشائر ممثلا في القصر الجمهوري، ووصل الامر برئيس النظام السابق ان يخرج على شاشات التلفزة ليقلد الجنود والضباط نوط الشجاعة، ويقف امامهم كلا على حدة ليسأله بلهجته (هلك وين يابه) وكان يردد والنعم للمحافظات التي يرتاح لها، أما المحافظات الاخرى فيصمت امام المنتمين اليها مع العلم ان الجميع سواسية في خدمته آنذاك. كانت الدعوات الى الامس القريب خالصة لوجه الوطن اما الان فصارت للمدينة والفئة، يطالب النائب الفلاني بتحسين الخدمات في هذه المحافظة والاخر في تلك، ولايجرؤ احد ان يسمي الوطن بتسميته الحقيقية كي يبتعد عن الذات والتعنصر للاقارب علما ان الامثال التي يوردها التراث عن الشعب قوله ان الاقارب عقارب. الان نحن امام مفترق طرق خطير اما ان يذهب بنا الى بر الامان او يعود بنا الى السنين الخاوية التي دفع ثمنها ألما وفراقا ووجد، ليت الذي يدعي حرصه على الوطن ان يكون مخلصا في دعواه ويدفع باتجاه توحيد الكلمة ورص الصفوف للخروج من مأزق تشكيل الحكومة ولكي نرى (راسنه من رجلينه) ام ان الفضاء القاتم والذي لانستطيع من خلاله تمييز الاشكال يعجب البعض لتستمر الامور على ماهي عليه مع نشاط الخلايا الارهابية التي كانت تسمى بالنائمة. لايمكن للهشاشة واللادستورية ان تسوس البلدان ولاتطور البنى التحتية ومع هذه الهشاشة وغياب السلطة سيدفع الشعب الكثير من الدماء والظلم والحيف، التمرد في المؤسسات الحكومية وصل غايته، لايخشى احد شيئا وليس هناك من رادع يردعه لان الاقارب يسندون ظهره حيث ترى في هيئة واحدة اربعين موظفا ينتمون الى نفس العشيرة، وفي مؤسسة واحدة الاخ يسند ظهر اخيه، وابن العم جناح المرء وهو الذي يحلق به في الجو خصوصا اذا كان وزيرا، هذا الفعل الذي ينم عن انانية لن يتقدم بالوطن خطوة واحدة، وسنبقى نراوح في مكاننا الى ان نصل الى قناعة مفادها ان الكفاءة والنزاهة والعلم هو من يقيم الاشخاص وليست القرابة، ولافرق بين المشهدي وغير المشهدي.
هواء فـي شبك: (انطي حك المشهدي)
نشر في: 30 مايو, 2010: 08:30 م