حازم مبيضينعشية سفره إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، ارتكب العنصري الصهيوني بنيامين نتنياهو حماقة جديدة تضاف إلى سجله الحافل بالحماقات، حين أمر جنوده بمهاجمة مجموعة من المتضامنين مع الشعب الفلسطيني أتوا عبر البحر حاملين كمية من المساعدات الطبية والغذائية لسكان قطاع غزة المحاصرين منذ عدة أعوام بالحقد والعنجهية،
والذين تدهورت أحوالهم بشكل رهيب وبما يوجه صفعة قاسية للمجتمع الدولي الصامت إزاء هذه السياسة الحاقدة التي تنصب سهامها على المواطنين الأبرياء، وبغض النظر إن كان هؤلاء يقبلون سياسات حركة حماس المسيطرة على القطاع منذ انقلابها على الشرعية الفلسطينية وتبنيها سياسات أدت إلى هجوم إسرائيلي كبير دمر القطاع المنكوب، مقابل تأكيد انتصار حماس باحتفاظها بجندي إسرائيلي اختطفته وتحتفظ به وتحوله إلى عنوان كبير للصراع تضيع معه العناوين الرئيسية التي كان يجب التمسك بها.قتلى حماقة نتنياهو الأخيرة ليسوا مقاتلين في حماس، ليجد عذراً في الهجوم عليهم، والأخبار تفيد أن السفن التي حملتهم لم تكن مسلحة، ولا كان في نية من حملتهم القتال، وكان هؤلاء بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معهم، يعملون على كسر فكرة الحصار الذي يرزح تحت أعبائه سكان القطاع، وهم ليسوا عرباً، وستكشف الساعات المقبلة جنسياتهم المتوزعة ما بين تركيا والعديد من الدول الأوروبية، وبما يؤجج حالة عداء بين الإسرائيليين وشعوب تلك الدول، وليس هناك عاقل يعتقد أن الدولة العبرية بحاجة إلى المزيد من الأعداء، أو في الأقل غير المتعاطفين معها ومع سياساتها تجاه الفلسطينيين، وحماقة نتنياهو – لا يمكن وصف تصرفه بغير هذا – ستكون ورقة بيد المتطرفين الذين يرفضون السلام والتعايش المشترك بين العرب واليهود.المحادثات المتوقعة اليوم بين نتنياهو واوباما كانت تستهدف البحث عن مخارج عملية لجمود العملية السلمية، وسيكون مدهشاً أن يستمع الرئيس الأميركي لحديث عن السلام بينما دم المتضامنين مع الفلسطينيين يصبغ باللون الأحمر المياه الدولية قبالة الشواطئ الإسرائيلية، وسيكون مدهشاً أكثر أن يقبل أوباما أية أعذار تخرج من جيب الحاوي الإسرائيلي الذي يسافر إلى واشنطن وهو يمد لسانه ساخراً في وجه العالم، ويحفر بيديه قبراً كبيراً لدفن عملية السلام إن لم نقل لدفن فكرة السلام من أساسها، والرفض الأخلاقي الذي نتوقعه من واشنطن للمذبحة الأخيرة لا يعني بحال من الأحوال أن الإدارة الأميركية تتعاطف مع حماس أو تؤيد سياساتها بقدر ما يعني التزام أوباما بالمثل التي بنيت عليها الأمة الاميركية، والتزام الولايات المتحدة بالقانون الدولي وقبل ذلك وبعده الالتزام بالقيم الإنسانية النبيلة التي نتوقع موقفاً أميركياً إلى جانبها إن لم نتوقع موقفاً مدافعاً عنها. سيدفع نتنياهو ثمن حماقته بعد أن هاجم العزل في عرض المياه الدولية وستدفع إسرائيل ثمن الدم الذي أراقه جنودها، ولعل الثمن الأصغر سيكون نمط العلاقات مع تركيا التي حافظت على علاقات دافئة مع إسرائيل منذ إنشائها، ولن يحتوي تاريخه أي حديث عن البطولة والانتصار على السفن التجارية غير المسلحة وستكون أسماء من سقطوا لعنات تلاحق اسمه والمهم أن المشاعر الفياضة اليوم ستعمل على تغيير نمط العلاقات في هذه المنطقة، والأكثر أهمية أن نتنياهو أهدى لحماس انتصاراً كبيراً دون أن تبذل أي جهد لقاء ذلك، ودون أن تراق نقطة دم واحدة بين صفوف مقاتليها.
حماقة نتنياهو
نشر في: 31 مايو, 2010: 05:51 م