حسام كنفاني قد يكون ما قاله رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي عن التدخل الخارجي في بلاده من أطرف ما قيل في الآونة الأخيرة. علاوي الساعي إلى ترؤس الحكومة باعتباره رئيس الكتلة البرلمانية الأكبر، استنكر ما رأى أنه»صفقة أمريكية إيرانية»لتنصيب نوري المالكي مجدداً رئيساً للحكومة. وزاد على ذلك بأن»الشعب العراقي سيقف في مواجهة التدخل الخارجي».
هنا النقطة التي تستحق الدراسة في التصريح: فكرة»التدخل الخارجي». علاوي يبدو وكأنه يتحدث عن شيء طارئ في عراق ما بعد عام 2003 أي بعد الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين التي وقعت كلها تحت الوصاية الأمريكية والدولية. يبدو أن رئيس ائتلاف»العراقية»صدّق فكرة السيادة والاستقلال والانتخابات الديمقراطية وكل ما هنالك من شعارات حملها الاستعمار الجديد معه إلى المناطق المحتلة، على غرار أفغانستان والعراق.حين يتحدث علاوي عن التدخل الخارجي يتناسى أن بلاده لا تزال تحت الاحتلال. قد تكون المسميات اختلفت، فبدل قوات الاحتلال باتت القوات المتعددة الجنسيات، وبدل الوجود الأمريكي القسري، باتت هناك اتفاقية أمنية كتبها الأمريكيون وقبلها العراقيون.. تسميات لا تغيّر في واقع الحال شيئاً، وهو أن البلاد لا تزال تحت الوصاية الأمريكية التي كانت السبب أساساً في عودة علاوي نفسه إلى العراق وخوضه غمار الانتخابات.فرئيس الوزراء الأسبق هو نتيجة مباشرة للتدخل الخارجي الذي يرفع سيف محاربته، بعدما رأى أن هذا التدخل لا يبدو أنه يصب في مصلحته. أكثر من ذلك، من المستحيل أن يكون علاوي غافلاً عن تحوّل الساحة العراقية إلى مسرح تدخلات خارجية متعددة الأوجه والأصول. إيران تأتي في مقدمة هذه الدول، فالتأثير الإيراني على العراق، واضح للعيان ولا يمكن لأحد إنكاره، حتى وإن حاول رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي في مرحلة من المراحل الظهور وكأنه يواجه هذا التدخل، إلا أنه لا يلبث أن يعود إلى الرزوح تحت هذا التأثير، والبحث ربما عن تأثيرات أخرى في المحيط.التأثيرات الأخرى أو التدخلات الأخرى في المحيط متعددة، تركيا وسوريا والسعودية هي أطراف أخرى فاعلة على الساحة العراقية، إذ لكل منها مصالح تسعى إلى الحفاظ عليها، وهي ترى الساحة العراقية مفتوحة على كل الاحتمالات.التدخل الخارجي ليس شيئاً طارئاً على الساحة العراقية الجديدة، ودخول علاوي إلى المعترك السياسي في العراق جاء وكأنه قبول غير مباشر بهذا التدخل، وبالتالي الفعل ضده لا يكون بالمشاركة فيه.
العراق والتدخل الخارجي
نشر في: 31 مايو, 2010: 08:41 م