عامر القيسي برغم كل المتغيرات في المشهد السياسي العراقي منذ الاطاحة بالدكتاتورية الصدامية وحتى اللحظة، ما زال الخطاب الاعلامي والسياسي العربي نائما على فراش التنظيرات الجاهزة،من الفطاحل القومجية الذين لايعرفون العيش الا في الماضي.
فالعراق بالنسبة لهم ما زال محتلا، رغم الاتفاقية الامنية التي وقعها العراق مع اميركا بموافقة مجلس النواب العراقي وهو ممثل الشعب، رغم وجود معارضة لايستهان بها داخل المجلس ضد توقيع الاتفاقية الستراتيجية. ومازال الخطاب العربي الاعلامي والسياسي يتحدث عن صراع سني شيعي أو عربي كردي، وكأنهم لايعرفون ان رئيس الجمهورية كردي لاول مرّة في تأريخ المنطقة، وان الكتل السياسية التي شاركت في انتخابات آذار الماضي 2010، فيها كل الموزائيك العراقي من سنة وشيعة واكراد وعرب وتركمان ومسلمين ومسيحيين وصابئة. ما زال الخطاب العربي السياسي والاعلامي، يتحدث للاسف،عن عاصمة منقسمة الى قسمين لطائفتين مختلفتين، وعن مناطق معزولة، وعن قتل طائفي وقومي وعنصري وعن تهجير متواصل ومتصاعد. مازال هذا الخطاب هو السائد، لكتاب لايريدون ان يروا شيئا على الأرض، لايريدون أن يروا اية متغيرات في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية العراقية. ربما في عمود سابق حمّلت السفارات العراقية وبعض الفضائيات مسؤولية القصور أو تشويه صورة المشهد السياسي العراقي، لكن هذا التحميل، هو صراحة نصف الحقيقة، لان النصف الآخر منها، هو ان هناك اعلاميين وسياسيين عرب، لايريدون ان يروا شيئا، حتى لو قدمت لهم اكثر الدلائل اقناعا حتى للمجانين، ذلك لأنهم بكل بساطة، لايريدون ان يروا الا الماضي، وهي عقلية سببت الكثير من العوق في حياتنا، لانها عقلية إرادوية، اي انها تلوي الواقع ليناسب عنق الزجاجة. وهي نفس العقلية التي بقيت تنظر الى دولة اسرائيل باعتبارها زائلة وان الطريق الوحيد امام اليهود هو طريق البحر، وكانت صدمة حرب الايام الستة، كافية للاطاحة بوعي البعض، والتمسك اكثر بالخطاب البائس عند البعض الآخر، والتشبيه، منطلق من اننا انتجنا صدمة الانتخابات في الواقع العربي الاستبدادي الظلامي، انتجناها أكثر من مرّة،ووجهت نفسها الى العقليات الجامدة، التي لاتعرف من العراق،غير مرحلة القتل الطائفي، أو حقيقة لاتريد ان تعرف اكثر من ذلك، ولا تريد ان تعرف ان القوات الاجنبية تلملم أوراقها وتنسحب كما يقول الراحل نزار قباني. ورغم وضوح المشهد العراقي،الا ان هذا النمط من الإعلام ظلّ يرحل رؤيته من أزمة الى أزمة، فإشكالية الاتفاق على شكل الحكومة المقبلة، هو من وجهة نظرهم صراع بين السنة والشيعة، وتحديد صلاحيات رئيس الوزراء، صراع بين العرب والاكراد. وهكذا ديدنهم ورؤيتهم واسلوب إنتاج خطابهم. فهل نقول نحن السبب. الى حد ما، نعم، لاننا لو أسرعنا بتشكيل الحكومة لالقمنا الافواه حجراً، وتخلصنا من هموم أمراض هذه العقليات التي ما زالت تتحدث بلغة البحر من ورائكم والعدو من أمامكم!!
كتابة على الحيطان ..الماضي حليف العرب...
نشر في: 31 مايو, 2010: 08:47 م