TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ادخلوا مصر.. من سيناء

ادخلوا مصر.. من سيناء

نشر في: 1 يونيو, 2010: 05:08 م

فريدة النقاشأتذكر أنني كلما ذهبت إلي جنوب سيناء، وفي لحظة العبور من نفق الشهيد (أحمد حمدي) أقرأ تلك الآية القرآنية المكتوبة علي مدخل النفق (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين).وفي كل مرة أقول لنفسي لابد أن نراجع السلطات المختصة بشأن المعني الواضح لهذه الأية
الذي تقول لنا إن المكان الذي نحن قادمون منه - أي سيناء - لا ينتمي إلي مصر، وهو معني خطير جدا يصب المياه في طاحونة السياسة التوسعية العنصرية الصهيونية التي تنتظر فرصة سانحة للعودة إلي سيناء، سيناء تلك التي تتزايد شكاوي أهلها من معاملة الدولة لهم كأعداء محتلين فتمنع عنهم الخدمات وتهمشهم ولا تملكهم الأرض.في مطلع التسعينيات قدمت مجلة (أدب ونقد) الكتاب الأول في سلسلة إصداراتها وهو للمبدع اليوناني الراحل (نيكوس كازانتاكس) (للرحلة إلى مصر الوادي وسيناء) ولم يكن العنوان المذكور من تأليف الكاتب بل من تأليف (أدب ونقد) لأن عنوان الكاتب كان (مصر.. وسيناء) وهو ما يعني أن سيناء ليست جزءا من مصر، ويتسق عنوان الكاتب مع معالجته لشبه جزيرة سيناء باعتبارها كيانا مستقلا لا علاقة له بمصر، وقلنا في مقدمة الكتاب إن هذا التوجه يعني عدم معرفة (كازانتاكسي) الدقيقة بالتاريخ والجغرافيا في المنطقة منذ قديم الزمان - حيث كانت سيناء - حتى في الأساطير التوراتية التي يعود إليها كثيرا كانت جزءا لا يتجزأ من مصر.. فهي أرض التيه التي قطعها النبي موسى لدى خروجه من مصر..وهي أيضا المعبر الذي جاءت منه الغزوات عبر التاريخ كذلك سالت دماء كثيرة في العصر الحديث على أرض سيناء دفاعا عن استقلال مصر، وشهدت شبه الجزيرة إخفاقات الجيش المصري ونجاحاته الباهرة في صد العدوان ومحاولات اختراق حدود مصر عبرها ودفن في ثراها الآلاف من الجنود المصريين عن طريق المذابح الإسرائيلية. وراكم المبدعون المصريون تراثا لا ينسى من الشعر والقصص والروايات بعضها لأبناء سيناء أنفسهم يحكي هذه الملاحم العظيمة لكل من الشعب والجيش، كما قدمت السينما المصرية عشرات الأفلام التي تجري أحداثها في سيناء في كل من أزمنة الهزائم وأزمنة النصر.ولكن بقيت سيناء شبه خالية بعد أن استعادتها مصر من أيدي الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 تطبيقا لاتفاقية ظالمة وقعها نظام الرئيس (السادات) في كامب ديفيد عام 1978 واتفاقية للصلح المنفرد عام 1979، وهي اتفاقيات قبلت مصر بمقتضاها أن تكون حدودها السياسية مختلفة عن حدودها العسكرية وتبعد عنها مئات الكيلومترات.وبقيت سيناء بسبب ذلك كله وبالرغم منه أرضا غريبة في وعي المصريين وتصوراتهم لأن الحكم لم يضع مشروعه لتعمير سيناء أبدا موضع التطبيق، وبقي عدد النازحين إليها من الوادي قليلا للغاية، وحين جرى تعمير الجنوب وزرعه بعشرات القري السياحية نشأت غربة وعزلة أعمق بين أهالي البلدات - المنتجعات أي السكان الذين يعيشون في كل من شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا -بسبب شح الخدمات التي تقدمها الحكومة لهم وكأنهم هم العابرون وليس السياح، أما أهالي شمال سيناء ووسطها فيشعرون بالغربة والعزلة ذاتها لا فحسب بسبب شح الخدمات وسطوة الأمن وخيانة الوعود التي أسرف الحكم في منحها لهم لدى استعادة (سيناء) ولكن أيضا بسبب الشك في ولائهم الوطني مما جعلهم يتذكرون بصفة دائمة سجلات نضالهم ضد الاحتلال دون ملل وإن بمرارة كأنهم يدفعون عن أنفسهم اتهامات بالخيانة.وكلها وقائع وتصورات ومشاعر تمنح مصداقية لمحاولات فصل سيناء عن مصر وتحتاج جميعا إلي معالجات حكيمة وعقلانية بدءا بإزالة هذه اللافتة التي تقول للعابرين إن سيناء ليست جزءا من مصر.. وتدعوهم لدخول مصر عن طريقها آمنين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram