وديع غزوانرغم الاتفاق على اهمية الحرية كمفهوم وضرورة وجودها في حياة المجتمعات , فانها كانت وما زالت كتطبيق مثار جدل ونقاش واسعين في اوساط السياسيين والكتاب والمواطنين . ومع ظهور وتطور علم الاجتماع برزت الكثير من الرؤى التي تتناول حدود علاقة الدولة
بالمجتمع ومدى صلاحياتها في وضع القوانين لتنظيم حياة المجتمعات الانسانية وعلاقة ذلك بحرية الانسان .وظل هذا الموضوع مثار صراع بين الماسكين بزمام السلطة وبين الغالبية العظمى من المواطنين او ممثليهم سواء في البرلمانات او الاحزاب السياسية التي نظر كل واحد منها الى الحرية من زاويا مختلفة تبعاً لنظرياته ومفاهيمه , وغالباً ما كان يجري تضييق الخناق على الشعب ومصادرة ارادته خصوصاً في دول العالم الثالث , ولم يشذ العراق عن هذه القاعدة الا بعد ان تم تغيير النظام بتدخل خارجي , اما في إقليم كردستان فقد سنحت الفرصة له منذ 1991 للبدء بخطوات بسيطة في التطبيق الديمقراطي تطورت تدريجياً فكانت الانتخابات البرلمانية ووجود معارضة فاعلة تعمل تحت قبته وانتخاب رئيس الإقليم وحرية الاعلام ونمو وتوسع منظمات المجتمع المدني وغيرها من الاجراءات التي تصب باتجاه بناء تجربة تلتزم بقيم احترام الانسان وتوقه الى الحرية التي حرم منها لحقب زمنية ليست بالقصيرة .وتفاءل البعض كثيراً في العراق ومنه إقليم كردستان , بامكانية خلق وعي مجتمعي بقدسية الحرية وتطوير هذا الوعي وتشذيبه من بعض التصرفات المؤذية للبعض التي تمارس باسم الحرية , لكنها تسيء الى مفاهيمها وروحها ومبادئها التي من اولوياتها عدم المساس او حشر القضايا الشخصية في مواضيع سياسية واستغلالها بشكل سيىء لتحقبق مآرب ضيقة .. واذا كان هنالك من اعذار, سواء كانت مقبولة ام لا , تبرر استمرار بعض هذه السلوكيات من قبل اطراف سياسية في بغداد او غيرها من محافظات العراق الاخرى , فانها في إقليم كردستان تتخذ منحى آخر يسيء الى التجربة الكردستانية التي عمدت بدماء وتضحيات المواطنين الفقراء بالدرجة الاساس , لذا فان الواجب يحتم على القوى السياسية الكردستانية ان تتعامل مع ما متاح من حرية بشكل يبعدها عن الاستغلال غير اللائق لها لتحقيق مكاسب آنية وضيقة تشوه صورة ما تحقق في كردستان .لاندعي ان ما موجود في إقليم كردستان نموذجي وخال من الاخطاء , التي ينبغي التنبيه لها لغرض التقويم وهي مهمة القوى السياسية كافة , ولكن هنالك فرق بين النقد و بين التجريح وتصيد الا خطاء , ونعتقد ان من خبر العمل السياسي يعرف الفرق بينهما. ليس من الحرية وقيمها اطلاق التهم جزافاً ومحاولة تعريض امن الوطن الى الخطر, وليس من الحرية محاولة تعطيل عمل المؤسسات المتخصصة او اعاقة عملها فالحرية التزام وحرص ومسؤولية, وهي مجال رحب نمارس فيه حقنا في النقد والمعارضة دون تدخل كائن من كان.. هي حق مقدس شرط الا يساء استخدامها.
كردستانيات ..قيــم الحريـــة
نشر في: 1 يونيو, 2010: 06:36 م