عبدالله السكوتيوهذه كناية عن ترقب الكثير من المشاكل والمصاعب، واخذت من ترقب اصابة الصغار بالامراض واشهرها الحصبة والجدري، وكانت النساء البغداديات لايعتبرن الولد سالما، حتى يعبر الحصبة والجدري، فاذا شب انتظرن ان يعبر الامراض التي يصاب بها الشبان من حمى تيفوئيدية وذات الرئة وذات الجنب، كما كن يعتمدن في معالجة اولادهن على الرقى والتمائم حتى قال الشاعر:
واذا المنية انشبت اظفارها الفيت كل تميمة لاتنفعوكان الطب في بغداد ايام ازدهارها مزدهرا مثلها، وكان الاطباء والصيادلة في العصر العباسي لايمكن لاحد منهم ان يمارس مهنته الا بعد ان يمتحنه رئيس الاطباء، ومع تدهور الاحوال السياسية واحتلال المغول لبغداد فقد احصي الاطباء فيها في الربع الاول من القرن العشرين فكانوا طبيبين تركيين في الباطنية، اما من مارس الطب الى جانب هذين فقد اخذ الطب عن ابيه من دون شهادة جامعية، هذا في بغداد اما في مدن العراق الباقية فقد كانت تشخيصات الاطباء مثارا للضحك والسخرية، فقد رووا ان متطببا عالج مريضا، ولم يفد علاجه، فجاءوا اليه واخبروه بأن المريض قد مات، فقال: حسنا فعل لانه لولم يمت لتغلب عليه المرض ولاصابه اذى كبير، والنادرة الثانية ان احد المتطببين كان على قدر من الذكاء وكان يدرب ولده ليخلفه في صناعته، وكان مما اوصاه به انه اذا دخل الى بيت المريض لعلاجه، فان عليه ان ينتبه الى ماحوله ويبني على مايراه ماسيتكلم به، فاذا ابصر في قمامة دهليز الدار قشور باذنجان مثلا وراى الحمى قد عاودت المريض فان عليه ان يستنتج ان المريض قد اكل الباذنجان فعاودته الحمى، ومات الاب فخلفه الابن في صناعته، وفي احد الايام دخل الابن الى دار احد مرضاه، فوجد في الدار جل حمار، فلما رأى مريضه وقد عاودته الحمى قال له: انك اكلت حمارا، اما في القرى والارياف فكان العلاج بالتعاويذ والابتكارات مثل (الجوي) وقد مات من جرائه الكثيرون.الان الناس في حيرة ايعودون الى المله وعلاج الاوراق المنقوعة بالماء وشربها ثلاث مرات، وعلاج المفاصل بالقفز فوق العضو المصاب من قبل امرأة قد ولدت توأما، ام يهرعون الى حبس اول حمار لغسل ذيله واسقاء الملدوغ ليبرأ، ام نعتمد على الطب الحديث الذي تراجع في العراق كثيرا حتى صار يتداوله من لاعلم له ولاخبرة ؛ ربما يكون المريض قد اصيب بمرض عضال وربما وربما، ولكن الكارثة حين يكتب لك طبيب متخصص صندوقا من الادوية تأتي به من خارج المؤسسة الطبية، وبعد اسبوع او اكثر يقول لك ارمه في النفايات لانه مضر وليس من الصحة ان يتناوله المريض، أما الكارثة الاخرى حين يبيع اناس من المتصيدين اقراص القلب خارج المستشفى، وتكون تسعيرتها للمضطرين (50) الف دينار للقرص الواحد، هذه فوضى صحية وعلى المسؤولين ان يتداركوا الامر، ويحددوا نقاط الوهن والهشاشة ؛ أليس من الصعوبة ان يكون الطبيب المقيم في مستشفى غير مقيم؟ أليس من الاشياء المضحكة والتي تدمي القلوب ايضا ان تضع انسانا في رمقه الاخير امام المصعد لاكثر من نصف ساعة، وهناك الكثير الكثير، وعلى هذا الاساس تكون الوقاية خير من العلاج لاننا في عهدنا الاخير مع الطب، وعلى التي تلد مولودا جديدا ان لاتفرح به كثيرا لان الحصبة والجدري في انتظاره إضافة الى امراض اخرى، مثلما تنتظرنا جميعا.
هواء فـي شبك: (ورا حصبة وجدري)
نشر في: 1 يونيو, 2010: 08:34 م