زعيم نصاروهو يسألُ سؤالاً آخرفي ليالٍٍ حالكةٍ من حياتي، شديدة السواد، أراني في المنام، ملاكاً فضياً عارياً، ذا جناحين واقفاً على عتبة الباب. يقرأ باباً من الخشب، يقرأ فيه مطرقةً نحاسيةً خضراء. يقرأ، يقرأ وراءَ البابِ ملاكاً، كلما أقتربُ منه خطوةً، يبتعدُ عني إلى الوراء،
كلما يبتعدُ، يزدادُ اقترابي منه، فيلوذ فاراً منّي بين الغرفات في بيت قديم، يطيرُ، يطيرُ، يطير.أطرقُ البابَ لأسأل عنه، تخرج امرأةٌ لا تعرف من الطارق فأقول لها: أنا هو ذاك يهرب مني، عندها تتعجبُ من الطارق كيف يطرقُ البابَ وهو في غرفةِ البيت يختبئُ!؟ يعرفُُ، وأعرفُ إنني أنا والطارق نسأل امرأةً نعرفها.وهو هناك يطيرُ، يطيرُ، يطيرْوالقارئ يقرأ لامرأةٍ طيرانـَه وقربه آخرُ يكتب. في ليال متفرقة من حياتي يهربُ، يهربُ مني ملاكٌ. وفي ليالٍ أخرى أحلامي تتكرر في الواقع ولا أسطورة هناك. أنا والطارقُ، والملاك، والقارئُ، والآخرُ الذي يكتبُ، والراوي، كنا نسألُ سؤالا واحداً من منـّا زعيم نصار؟rnفراشة وأربعة شعراء قبلَ مئاتِ السنينِ حـَلِـمَ أحدُهم بأنهُ فراشةٌ ترفرفُ هنا وهناك ولم يكن يعي إلا وجودَه الذي هو فيه، وجودَ فراشةٍ ترفرفُ، غابَ عنه إنسانهُ، ولما استيقظ وجدَ نفسَه ممدداً في فراشهِ، كما هو في ذاتهِ، بقيَ صامتاً حائراً لا يدري هل هو فراشةٌ تحلمُ بأنها إنسان أم إنسان يحلمُ بأنه فراشةٌ ترفرفُ هنا وهناك؟قبل أربعينَ سنةً حـَلـِمَ آخرُ أَنـَهُ رأى فتاةً تحلـم أَنـَها فراشةٌ، وعندما قامتْ لم تعدْ تعرفُ أكانت فتاةً حلـِمتْ إنها فراشةٌ أم فراشةً تحلـم إنها فتاةٌ.قبل ستِ سنواتٍ حلـِمتْ إحداهنَّ أَنـَها رأتْ شريطةَ طفلةٍ تحلـمُ بأنْ تكونَ فراشةً أو فراشةٌ تحلمُ بأن تكونَ شريطةً في شعرِ طفلة.قبلَ ليلةٍ واحدةٍ حـَلـِمَ أخيرُهم بأنـَهُ رأى امرأةً طافتْ حولـَه، ولم تكنْ نارٌ قريبةٌ منهما، تهافتتْ في سراجـِه، وألقتْ نفسَها في ضوءِ عينهِ التي لا تنامُ، رمتْ قلبـَها في صحنهِ، لا تدري ما تتقي، حتى غـَرِقا في بياضِ الفراش، كانت ترفرفُ بين يديهِ، ليطيرَ بها، اختلطا تماماً، فلا هما ذكرٌ ولا أنثى، هو يقولُ لها يا أنا، وهي تقولُ له يا أنا، ورأى أنها استعانتْ به عندما اشتدتِ العاصفةُ، فطارا في هواءِ الليلِ، وعندما استيقظَ وجدَ نفسَه ممدداً في فراشِها، وهو يعي ذاتـَه شاعراً ذئباً. rnبركة حمراء في قصر أسودrnهنا خوف وصمتٌ، بركة الدم التي وصفها الشعراء في القصر الأسود، شكلّتْ غيوم البلاد. دخلوا أعمى يقود أعمى. rnفي البركة سبعة قوارب تطفو، في كل قارب سعف نخيل يحترق، وأرملة تنوح، ورق اصفر، قمصان وأقلام رصاص، عيون أطفال في الظلمة تدمع.حليب يخط علاماته على السواد، لفائف من الشاش، جدائل مقصوصة. بدأ الشعراء، وهو بعينيه الحجريتين لم يبصر سيفاً يتدلى على الجدار، والنياشين تلمع. rnارتفعت الأصوات ودقت الطبول، أحدهم: أنت الحياة، وحياتنا معك أجمل ما يكون. الآخر: أنت البحر والموجة التي تحتضن الكون. الأخير: أنت الشمس، وهذا الجمال الذي يطفو على ماء الأمل، أنت الوطن. سالت الكلمات كالزيت على دم البركة، التهب المديح، فامتدّ اللهب من أرملة تحترق في الزورق الى القصر الأسود. انقلب المشهد على عينين من حجر ولحية كثة، حيث الغرباء يتفحصون أسنانه وهي تنبع دماً من البركة.
ثلاث قصائد نثر
نشر في: 5 يونيو, 2010: 04:40 م