TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > مكاشفة ..سنن البحار

مكاشفة ..سنن البحار

نشر في: 5 يونيو, 2010: 04:50 م

 كاظم الجماسي في ازمنة الاستقرار النسبي المعاشة بالنسبة للمجتمعات، تتوزع الادوار الوظيفية لكل الشرائح الاجتماعية بنحو عادل نسبيا، فالتاجر تاجر والفلاح فلاح والعامل عامل والموظف موظف والصناعي صناعي..
وهكذا لكل منهم مسمى محدد وله وظيفة محددة تشكل حلقة في سلسلة الدورة الاقتصادية للمجتمع، وكل منهم يؤدي دوره الاقتصادي لتلبية حاجة اجتماعية محددة. ولايقتصر الامر على الجانب الاقتصادي فقط بل يتعداه الى وجود منظومة اجتماعية واخلاقية تحيط تلك الوظائف جميعها، وترسم لها سلوكيات كل مهنة او كل وظيفة منفردة تشترك مع خارطة الوظائف الاخرى في رسم بنية فوقية اخلاقية – حقوقية ترسم حيزا لحدود ممارسة تلك الوظيفة بما لايخل بهارموني السلم الاجتماعي.وبالنسبة لما حصل عندنا نحن العراقيين بعد تراجع واندحار الطابع المدني للحياة اليومية لمختلف الشرائح الاجتماعية وصعود نجم العسكرتاريا كطبقة تحتل اعلى السلم الطبقي مدعومة بأيديولوجيا تتشدق بالعدل والانسانية وتمارس على ارض الواقع اشد انواع العسف والاستبداد ماأنتج وضعا اجتماعيا مختلا بنحو مدمر تغيب فيه ابسط مظاهر التوائم الطبقي السلمي لتحل محلها ايدلوجيا الغنيمة والسلب والنهب بل والقرصنة في وضح النهار مدعومة بمنطق التلفيق والاعلام الحزبي الناشز لكثير من اليافطات التي تفتقر الى البرامج والرؤى الليبرالية المنضبطة والمحددة.وعلى المستوى الاقتصادي سادت العشوائية والفوضى بنحو غير مسبوق، فطفحت الى السطح فئات من الطفيليين الذين ظهروا في غفلة من الزمن ليتصدروا الصف الامامي في الخارطة الاقتصادية للبلد، انصب جل اهتمامهم على التفنن في الحاق ابلغ الاذى بجسد الاقتصاد الوطني بأستيراد نفايات البضائع التجارية المختلفة واغراق السوق بها بمأمن تام من الرقيب الرسمي وبغياب تام من ايما وازع اخلاقي او انساني ولو في حدوده الدنيا، وشكل وجود تلك البضائع منافسا ماحقا للمنتج المحلي الذي اصيب في الصميم فبات مشلولا عاجزا من دون ظهير رسمي داعم، وانحطت الصناعة الوطنية بشقيها العام والخاص، فقطاعها العام لم تزل معظم مرافقه الانتاجية خامدة مشلولة من دون تفعيل او اعادة تأهيل، وقطاعها الخاص يعاني سكرات الموت حقا بغياب اي دعم حكومي كانت تتفضل به الحكومات السابقة عليه، من فرض للضرائب المناسبة على المنتج المستورد، وتوفير للمواد الاولية المدعومة من قبل الدولة، وفتح للابواب الحكومية وغير الحكومية لتسويق المنتج المحلي، وغيرها من ملامح بيئة مشجعة لنمو وازدهار الصناعة الوطنية في كل تواصيفها المختلفة.ومن بعد كل ماذكرنا اخذت تسود في السوق الداخلية العراقية سنن البحار القاضية بان تبتلع الاسماك الكبيرة الاسماك الصغيرة من دون اي وازع من ضمير او مواطنة، وراحت تختفي بنحو مخيف اخلاقيات المهنة التي كانت تشكل ضمانة اخيرة للمتعاطين في السوق العراقية، فضلا عن كونها تقيم الثقة بين طرفي العملية التجارية البائع والمشتري، ولعل امتناع بائع الجملة عن بيع سلعه بالمفرد الى المستهلك مباشرة، من اجل ان يأكل بائع المفرد رزقه ايضا، لعل هذا واحد من ثوابت اخلاقيات المهنة الى وقت قريب، وقد اختفى اوكاد، وهو ليس سوى مثالا واحدة م بين امثلة عدة اخرى. Kjamasi59@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

البرلمان يتوعد بـ10 استجوابات: ستمضي دون عراقيل

انتحاريون على أبواب حلب.. ماذا يجري في سوريا؟

الدفاع التركية تقتل 13 "عمالياً" شمالي العراق

مجلس ديالى يفجر مفاجأة: ثلاثة اضعاف سرقة القرن بالمحافظة "لم يُعلن عنه"

الشرطة العراقي يغادر إلى الدوحة لملاقاة بيرسبوليس الإيراني في دوري أبطال آسيا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram