سالم الالوسي في اواخر العشرينيات واوائل الثلاثينيات الماضية عصفت باقطار العالم- ومنها العراق – الأزمة الاقتصادية الكبرى، فتعرضت الاسواق المالية والتجارية الى اضرار بالغة وخسائر جسيمة وإنتقلت العدوى الى الاسواق العراقية، وقد ظهر ذلك جلياً في اضطراب الاحوال الاقتصادية
وركود الحركة التجارية في الاسواق وغيرها، فكثرت الاضطرابات والاحتجاجات والمطالبة بإلغاء الضرائب او تخفيضها، منها اضراب اصحاب المهن الحرف الذين رفعوا اصواتهم وأعلنوا الاضراب واغلقوا دكاكينهم وحوانيتهم ومخازنهم مدة اسبوعين ما حدا بالحكومة تدارك الامر، حيث وجدت ان البيئة والاوضاع المعيشية في حينه لاتحتمل هذا الارهاق، فالتجأت الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بالتخفيف عن هذه الضائقة بإعادة النظر في الضرائب الباهظة التي كانت حكومة الاحتلال البريطاني في زمن الحاكم العسكري (بلفور) قد فرضتها على اصحاب المهن والحرف.وقد خلقت هذه الاحوال وتلك الازمة الاقتصادية حالة من الشعور بضرورة الاحتياط والتهيوء لأمثال هذه الامور واتخاذ التدابير لمعالجتها، فتكونت في بغداد جمعيات مهنية وحرفية كانت باكورة الحركة النقابية في العراق، ومن بين تلك الجمعيات (جمعية البقالين) ببغداد. ففي 18/1/1930 قررت الهيئة المؤسسة لجمعية البقالين اصدار بيان الى اعضائها كافة نشرته في الجرائد المحلية ومنها جريدة البلاد، ما يأتي: 1-ستجري انتخابات الهيئتين المالية والادارية ليلة 3-4 شباط عام 1930 (الموافق 4-5 رمضان 1348 هـ) الساعة الثالثة عربي في المحل المسمى بـ (الوطني).2-يعتبر هذا الاعلان دعوة عامة لجميع الاعضاء المنتسبين والمسجلة اسماؤهم في الجمعية، ولذا نرجو من جميع صنف البقالين الذين لم يسجلوا اسماءهم كأعضاء في الجمعية، ان يراجعوا الهيئة المؤسسة لتسجيل اسمائهم خلال المدة المذكورة وفق المادة (10) من النظام الاساسي لجمعية البقالين. حيث لايحق لغير المسجلين في الحضور للانتخابات والقرارات والاعتراضات. (الهيئة المؤسسة) وفيما يلي ندرج الخبر، بانتخابات جمعية البقالين، التي حاز فيها الحاج محمود البنية الاكثرية الساحقة واصبح معتمدا لها. ومن هذا الخبر وغيره نستنتج الحقيقة الصادقة المعبرة عن السمعة الحسنة والمنزلة الاجتماعية المرموقة التي كان يتمتع بها المرحوم الحاج محمود في الاوساط العامة والخاصة. انتخابات جمعية البقالين قد اجتمع المؤسسون لجمعية البقالين مع جميع الاعضاء المنتسبين الى الجمعية في رويال سينما يوم الثلاثاء ليلة الاربعاء المصادف 4/2/1930 ، الساعة الواحدة عربية. وبوشر بالانتخاب الساعة الثانية والنصف بحضور عضو مجلس الادارة السيد هاشم افندي النقيب (الكيلاني) وبعد الكشف عن الصندوق تبين ان الصندوق فارغ ونقل الصندوق، ووضع مفتاحان الاول عند السيد هاشم افندي الكيلاني، والثاني عند الحاج محمود (البنية) وبوشر بتوزيع الاوراق بانتخاب لجنتي المالية والادارية، ولما كمل الانتخاب الساعة الرابعة، اجتمعت الهيئة المؤسسة مع عضو مجلس الادارة واخذوا بتصنيف الاراء، وبالنتيجة حاز الذوات التالية اسماؤهم وهم: ابراهيم الحاج مبارك 356 صوتاً/ وعبد الهادي الحاج فرج حمره 356 صوتاً/ ورشيد سلمان بقال باشي 255 صوتاً/ ومهدي الصالح العزاوي 355 صوتاً/ والحاج احمد سليم 346 صوتاً/ والحاج رشيد رستم عمري 356 صوتاً/ والحاج عبود السعيدي 339 صوتاً/ وسيد رحيم السيد علي قدري 353 صوتاً/ والحاج احمد بن حسن 340 صوتاً/ وتوفيق العاني 344 صوتاً/ والحاج ابراهيم شواكة 352 صوتاً/ وسيد خليل سيد محمد 273 صوتاً/ ورشيد حنش 347 صوتاً / وحميد عبد علي حله 350 صوتاً.واصبحوا اعضاء لهيئتي المالية والادارة. ولقد آثر الحاج محمود البنية عدم ترشيح نفسه وترك المنافسة لزملائه الذين أصروا على انتخابه معتمداً لمنزلته واحترامهم له. وبعد ذلك اجتمعت لجنتا المؤسسة والاداررية وباشروا انتخاب المعتمد العام حسب نص القانون ، وحاز الاكثرية الساحقة الحاج محمود (البنية) وأصبح معتمداً عاماً لجمعية البقالين. ثم بوشر بانتخاب نائب المعتمد وسكرتير الجمعية وأمين للصندوق، وقد أصبح السيد عبد الله السيد محمد نائبا، ونصيف الحاج سكرتيراً ورشيد السلمان أمين الصندوق، وقدمت من هذه النتيجة نسخة الى وزارة الداخلية للتصديق عليها. ونظراً لسمعته ونزاهته ومنزلته الاجتماعية، اختاره البقالون في بغداد معتمداً ورئيساً مدة من الزمن وكانت التقاليد والعادات الجارية بين ارباب المهن واصحاب الحرف، ان تختار كل مهنة او حرفة رئيساً لهم اشبه ما يكون بالنقيب في هذه الايام، فكان للبقالين رئيس والحدادين والخياطين والبنائين والنجارين والحلاقين والقصابين ولكل مهنة وحرفة رئيس يتولى امور اهلها ومساعدتهم في جميع المسائل التي تتصل بعملهم (انظر هوية جمعية البقالين).
كيف تأسست جمعية البقالين في بغداد عام 1930؟
نشر في: 6 يونيو, 2010: 05:10 م