TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > (كارل بوبر) نصوص ودروس

(كارل بوبر) نصوص ودروس

نشر في: 6 يونيو, 2010: 05:27 م

السيد عمار ابو رغفالاستقراء هو منهج العلم والطريق الأوحد للإفادة من التجربة في الكشف عن واقع الوجود، هذا ما استقر عليه الرأي لدى فلاسفة المذهب التجريبي الحديث ولم يابهوا بـ (إشكالية هيوم)، حيث انكر بجزم مبدأ الاستقراء بإنكاره مبدأ العلية واي ضرورة عقلية يدركها الذهن البشري قبل التجربة.
 بل لعلهم وجدوا في نزعة (هيوم) السايكولوجية عزاء للاحتفاظ بأمل في معالجة مشكلة الاستقراء، التي تستفحل بطبيعة الحال في ظل نظام معرفي تجريبي.الاستقراء ـ كما نعرف ـ يواجه مأزقا منطقيا، لا يواجهه الاستنباط والقياس المنطقي، إذ الاستنباط لا تأتي فيه النتيجة اكبر من المقدمات، بل هي اما مساوية او اصغر من مقدماتها . اما الاستقراء فالنتيجة فيه اكبر من المقدمات، ومن ثمَّ اذا افترضنا صدق المقدمات فلا تصدق النتيجة بالضرورة، أي ان صدق المقدمات لا ينتج صدق النتيجة، خلافا للاستنباط والقياس فالنتيجة فيه صادقة بالضرورة اذا صدقت المقدمات .rnالقسم الرابعrnبوبر والنزعة الاستقرائيةولما أضحى الاستقراء منهج العلم وأنكرت المعرفة التجريبية أي مبدأ عقلي قبلي امسى تبرير الاستقراء مشكلة امام مناهج المعرفة . اذ في ضوء المعرفة العقلية أمكن لمدرسة أرسطو ان تستعين بمبدأ عقلي اولي (الصدفة لا تكون دائمية) لتبرير الاستقراء وإدخاله في زمرة الأدلة الاستنباطية، التي تصدق نتائجها صدقا ضروريا في ضوء صدق المقدمات.  لكن التجريبيين ينكرون هذا المبدأ العقلي، ولا يعدون عامة الأحكام غير التجريبية في زمرة المعرفة العلمية، ومن ثمَّ تحتم عليهم  ان يجدوا علاجا لإشكالية العبور من الخاص إلى العام،  أي من المقدمات والشواهد المحدودة الى القانون العام . وكانت فتوى (بوبر) أمام كل المحاولات العلاجية هي ان لا علاج لمشكلة الاستقراء، بل علينا ان نستريح ونؤكد ان الاستقراء ليس دليلا ولا منهجا!وبغية ان نتابع ما قاله بوبر بعمق وشمول علينا ان نضعه في سياق تاريخ الإشكالية والمعالجات المطروحة لها والمواقف الأساسية التي سجلها بوبر إزاء صياغة الإشكال وإزاء معالجته، وما دار حولها من أفكار، ومن ثم سنقوم أولا بإطلالة تاريخية نلخص فيها الإشكاليات والمعالجات لنأتي بعدها على مواقف (بوبر) التي مثلت نقدا لأفكار السلف، وخلصت الى رؤية علينا وضع اليد عليها بالتحديد الدقيق ما أمكن، لنخلص بدورنا إلى موقف اكثر تحديدا واقرب الى دقة المعالجات الفلسفية والمنطقية .تاريخيا: الاستقراء عند أرسطو: أُستخدم مصطلح الاستقراء في مدرسة أرسطو عامة في ثلاثة معان :1- الاستقراء التام.2- الاستقراء الناقص.3- الاستقراء الحدسي.اراد بالاستقراء التام ما استوعب المستقرئ فيه جميع الجزئيات والمفردات التي يشملها الحكم، وهذا اللون من الاستقراء يدخل في عداد الادلة الاستنباطية، لان مرجعه في نهاية المطاف الى قياس. اما الاستقراء الحدسي فقد استخدمه ارسطو للدلالة على الحدس العقلي الذي يمارسه الذهن البشري، بفضل الاستقراء، أي يلعب الاستقراء وملاحظة الجزئيات دور المنبه للذهن في ادراك الكليات والمبادئ العامة، دون ان يكون مسوغا منطقيا او قاعدة استنتاجية. وقد اخطأ الدكتور زكي نجيب محمود في نفي استخدام ارسطو مصطلح الاستقراء الحدسي للدلالة على هذا اللون من النشاط الذهني، واخطأ أيضا وتابعه مع الاسف استاذنا الشهيد الصدر في الاسس المنطقية للاستقراء في النظر الى الاستقراء التام بوصفه قاعدة ادراك المبادئ الاولية في منطق ارسطو، بينما لم يرد ارسطو من الاستقراء الدال على المبادئ الاولية سوى الاستقراء الحدسي.اما الاستقراء الناقص فقد ادرك ارسطو اشكاليته المنطقية، اذ الخروج بحكم كلي جراء تتبع بعض الجزئيات ومصاديق أي ظاهرة من الظواهر لا يسوغ منطقيا الحكم العام والكلي على هذه الظاهرة، فالنتيجة المترتبة على المقدمات ـ التي هي بعض مصاديق الظاهرة ـ اكبر من هذه المقدمات، لان الحكم فيها يشمل الجزئيات المستقراة والتي لم تستقرأ، ومن ثم فصدق هذه المقدمات لا يبرر صدق النتيجة، ومن ثم لايصح استنتاج الحكم الكلي في حالة الاستقراء الناقص .وهنا اضحى المنطق الارسطي في موقف يحتم عليه معالجة هذه الاشكالية ]اشكالية الاستقراء[ وجاءت المعالجة الارسطية لهذه الاشكالية لتؤكد ان القياس المنطقي والاستنباط وحده الطريق المنطقي لتبرير وتسويغ الاحكام، وذلك :ذهبت مدرسة ارسطو الى ان الاستقراء يبرر منطقيا اذا تحقق فيه شرط التكرار الدائم لاقتران المحمول بالموضوع او كان هذا التكراركثيرا الى الحد الذي يسمح العقل البشري بضم قاعدة بديهية عقلية تقول : ان الاتفاق والصدفة لا تكون دائمية او اكثرية، عندئذ يتشكل لدينا قياس منطقي صغراه القضايا المستقراة وكبراه القاعدة العقلية، ومن ثم نستنتج الحكم الشامل لكل الجزئيات المستقرأة وغير المستقرأة على اساس عقلي ويسوغ الاستقراء بعد ان يلبس ثوب القياس ونسميه (تجربة) .السؤال هنا: هل اعتبر أرسطو أو المدرسة الأرسطية الاستقراء أو القياس المنطقي بداية المعرفة التصديقية. أم اعتبروه المسوّغ المعرفي لصحة هذهِ المعرفة؟أؤجل الإجابة على هذا الاستفهام إلى ما يأتي قريباً في قراءة مواقف (بوبر) ونقوده للنزعة الاستقرائية. على أن أ ُعيد التأكيد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram