حازم مبيضين من حق الكتاب والصحفيين والسياسيين العرب إطلاق أبشع النعوت وأشدها قسوة ضد ما اقترفته اسرائيل بمهاجمتها مجموعة من القوارب كانت تحمل مساعدات إنسانية للفلسطينيين الواقعين تحت حصارين في قطاع غزة، أولهما من حكومة حماس التي تسعى لادامة إمارتها ذات الطابع الطالباني،
والمرتبطة بسياسات ولي الفقيه، والمنقلبة على الشرعية، والفاقدة لها، والثاني حصار عسكري اسرائيلي يعلن شرعيته استناداً إلى محاربة " إرهاب حماس " من ناحية و" تمدد النفوذ الايراني " من الناحية الثانية، وهما مبرران مقبولان من الغرب الذي يعاني من الامرين، ومقبولان أكثر من الولايات المتحدة التي اتخذت موقفاً بررت فيه العملية الاخيرة باعتبار أن لإسرائيل الحق الكامل في اعتراض وتفتيش السفن المتجهة إلى قطاع غزة، لانها لا تعرف ما تحمله تلك السفن المتجهة إلى منطقة تطلق منها الصواريخ ضدها، ولكنها أبدت الاستعداد لممارسة الضغط للسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع بما في ذلك مواد البناء.العلاقات الأميركية الإسرائيلية لن تتأثر بتداعيات مهاجمة سفن المساعدات لان الواضح أن إدارة أوباما التي عطلت قرار إدانة للعملية هي الأكثر دعماً للدولة العبرية في التاريخ الأميركي، ، والعلاقات مع تركيا ستعود إلى طبيعتها بعد موافقة أنقرة على تخفيف لغة البيان الاممي ليكتفي بالإعراب عن الأسف للأرواح التي فقدت، وتخليها عن المطالبة بالتحقيق في الحادث، وبما يعني طي الصفحة قانونياً وأمام العالم مع استثمار ذلك إلى أقصى الحدود لتقوية الموقف الداخلي لحكومة أردوغان، والعلاقات الإسرائيلية مع محيطها العربي لن تختلف عما هي عليه، ستظل الصلات الدبلوماسية قائمة، وسنستمع الى المزيد من بيانات الشجب والاستنكار، وستعمل الاحزاب الدينية على تقوية نفوذها وهي تهتف " خيبر خيبر يا يهود " وسنصحو ذات يوم وقد تجاوزنا المسألة، مثلما تجاوزنا الكثير من العمليات المشابهة التي اقترفتها اسرائيل بحق العرب والفلسطينيين على مدى تاريخ الصراع في الشرق الاوسط.الاستثمار الايجابي الوحيد للدم " التركي " المراق في عرض البحر، هو في مصالحة فلسطينية فورية تعيد للسلطة قوتها وهي تخوض معركة التفاوض، وإذا كنا نلاحظ انقساماً حمساوياً حيال هذا الامر فان الموضوع يقع في خانة التنافس التنظيمي، ومحكوم بالخطاب الشعبوي، خصوصاً وهذه الحركة تعلن جهاراً نهاراً رغبتها بالتواصل مع الادارة الاميركية بحثاً عن وضع حل الدولتين الذي تقبله السلطة موضع التنفيذ، وسيكون عاراً علينا الاكتفاء بتهدج حناجر خطبائنا وهم يشتمون الدولة العبرية التي تعود بالإبل، وسيكون مخجلاً أن ننتظر تحرير فلسطين على يد السياسة العثمانية التي تتجدد اليوم لمواجهة إيران الثورة الإسلامية، وسيكون مخجلاً أكثر أن نكتفي بمظاهرة تؤيد الحقوق الفلسطينية هنا أو هناك، وتهلل لها فضائيات التهريج العربية، وسيكون امتهاناً لعقولنا أن نكتفي بالغضب الصامت ونحن نستمع لشهادات المشاركين في الرحلة الموؤودة. نعرف أن ما نقوله لن يستهوي عواطف الجماهير، لكننا على ثقة بأن رضى هذه الجماهير عن بيان الدول العربية بأنها ستعمل على كسر الحصار المفروض على الغزيين، ليس أكثر من تخدير لتلك العواطف، يدخل في باب دفن الرؤوس في الرمال والتشبه بغباء النعامة، لكننا نعرف أيضاً أن العقل العربي الواعي لم ينعدم بعد في هذه المنطقة، وأن عليه النهوض لمواجهة الصلف الإسرائيلي، والأطماع الإقليمية، سواء بسواء، ونعرف أن الراغبين في استغلال الموقف لمصالحهم الحزبية والسياسية الخاصة كثيرون ويجب وضع حد لتصرفاتهم غير الأخلاقية وغير الوطنية.
كلمة وفاء ..الاستثمار الأمثل
نشر في: 6 يونيو, 2010: 05:55 م