TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > تحديات عملية الانتقال في الاقتصاد العراقي

تحديات عملية الانتقال في الاقتصاد العراقي

نشر في: 7 يونيو, 2010: 04:51 م

د.فلاح خلف الربيعي إن أي ستراتيجية  للانتقال في الاقتصاد العراقي ينبغي أن تركز على تحقيق هدف الاستقرار الاقتصادي ببعديه الداخلي والخارجي، كسبيل وحيد لإخراج الاقتصاد من حالة الركود التضخمي طويل الأجل ،على أن تعمل في الوقت  نفسه
على تغيير أسلوب التنمية، من خلال العمل على نقل الاقتصاد العراقي من حالة الاقتصاد السلطوي الشمولي إلى اقتصاد يقوم على نظام المنافسة والكفاءة والسوق الحرة.يستلزم تحقيق تلك الأهداف وضع الآليات الكفيلة بتصحيح مسار التنمية من خلال تبني ستراتيجية للتنمية تضمن الوصول إلى أقصى انتفاع من الإيرادات النفطية ، بتوجيه تلك الموارد نحو تمويل الاستثمار في رأس المال الإنتاجي المباشر والاستثمار في رأس المال الاجتماعي لرفع مستوى التراكم الرأسمالي، وتنويع الهيكل الإنتاجي،فضلا عن تهيئة المناخ الاستثماري الملائم، الكفيل بتعزيز حالة التنافس بين القطاعين العام والخاص وعلى أساس اعتبارات الكفاءة الإنتاجية والخضوع لقوى السوق. وعلى الرغم من أن تلك التوجهات لم تغب عن بال الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق بعد عملية التغيير في 2003 ، إلا أن عملية تنفيذها على ارض الواقع كانت تصطدم بنوعين من العقبات أو التحديات، الأول التحديات الموروثة عن الحقب والمراحل السابقة، اما النوع الثاني فهو تحديات جديدة أو بازغة وهي مجموعة التحديات التي طفت على سطح المشهد الاقتصادي والسياسي بقوة بعد 2003 .وتهدف هذه الورقة إلى تشخيص طبيعة تلك التحديات ،وتحديد الآليات والسبل الكفيلة بالخروج منها. rnأولا : التحديات الموروثة تشمل على مجموعة التحديات والخصائص الهيكلية الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد العراقي كاقتصاد نفطي شبه ريعي ، و حالة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، ومن أبرز تلك التحديات:1- الاختلالات الهيكلية  تشمل على مجموعة الاختلالات، المرتبطة بهيكل الاقتصاد العراقي كاقتصاد نفطي شبه ريعي ، الناجمة عن هيمنة قطاع النفط الخام على المساهمة الرئيسة في الناتج المحلي الإجمالي وفي المتغيرات الاقتصادية الكلية الأخرى وعلى حساب التخلف النسبي لبقية القطاعات الإنتاجية وبخاصة الزراعة والصناعة التحويلية وقد تفاقمت تلك التحديات  في بداية عقد السبعينيات  بعد تأميم النفط، و الزيادة الهائلة التي حدثت في إيرادات النفط ، وما تبعها من تركيز على هدف الإفراط في إنتاج النفط ، والاستغلال الجائر لتلك الموارد النفطية للإغراض الأمنية والعسكرية، ، ومن دون أن يرافق ذلك سعي جاد لتوظيف الإيرادات المتحققة في توسيع الاستثمار الإنتاجي وتوسيع الطاقات الإنتاجية غير النفطية و الاستثمارات التنموية المادية والبشرية الأخرى لتهيئة المقدمات الضرورية لانطلاق الاقتصاد العراقي ، الأمر الذي قلل من فرص التنويع الإنتاجي وعمق من ظواهر الاختلالات الهيكلية ،وفسح المجال واسعا للإفراط في الإنفاق الحكومي الاستهلاكي المتحيز لسياسات البقاء في السلطة، وسوء استخدام وتوزيع إيرادات النفط ، وقد تعمقت تلك الاختلالات ، بعد فرض العقوبات الدولية وفرض الحصار الاقتصادي في إعقاب غزو الكويت في 1990 ومنذ ذلك الحين دخل الاقتصاد العراقي في حالة من التضخم الركودي طويل الآجل ، ثم دخل  الاقتصاد العراقي مرحلة الأزمة البنيوية الحادة بعد الحرب المدمرة في 1991 التي ألحقت أفدح الإضرار بالبنية التحتية والإنتاجية واستمرت تلك الأزمة بالتفاقم بعد إسقاط النظام وتحول البلد إلى دولة محتلة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2003. 2- عدم الاستقرار السياسي إن تاريخ العراق هو عبارة عن سلسلة طويلة من الغزوات الأجنبية والانقلابات المضادة ، ما جعل معظم التغيرات في الحكومة والقيادة ، تكون على شكل صدمات عنيفة و مفاجئة،  الأمر الذي حرم عملية التنمية من حالة الاستقرار والاستمرار الضروريتين ، فنجم عن ذلك فشل المخططين والمنفذين في إنفاق الأموال المخصصة في برامج خطط التنمية وفي جميع قطاعات الخطة ، وفق معيار كفاءة الأداء، أو كفاءة الإنفاق. وعلى الرغم من الآمال التي عقدت على عملية التغيير السياسي في 2003 باعتبارها ستكون مدخلا لإنهاء الصراع السياسي والاجتماعي  على السلطة وتكريس مبدأ التداول السلمي للسلطة ، إلا أن تلك العملية جاءت بنتائج متواضعة حتى الآن. فضعف دور الأحزاب و منظمات المجتمع المدني جعل عملية المشاركة في السلطة تقوم على أسس الطوائف والمكونات القومية والدينية وليس على أسس مدنية وسياسية ، التي منحت  الأولوية في اختيار الوزراء وموظفي الدولة الكبار لاعتبارات المحاصصة السياسية والموازنات الطائفية ،وعلى حساب التخصص الأكاديمي والكفاءة والنزاهة وشكّل هذا العامل تحدياً خطيراً أسهم في تعميق حالة الصراع والعنف وتعطيل عملية التنمية وإعادة الإعمار. 3-ربط الإنفاق الاستثماري بزيادة  الإيرادات النفطية ربطت جميع الحكومات المتعاقبة، وبصرف النظر عن ميولها الإيديولوجية للإنفاق الاستثماري بالزيادة في الإيرادات النفطية،من دون مراعاة حدود الطاقة الاستيعابية للاقتصاد، أو مدى توفر المتطلبات التكنول

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram