اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > جـدل الإصـلاح أم جـدل المصـالـح؟

جـدل الإصـلاح أم جـدل المصـالـح؟

نشر في: 11 يونيو, 2010: 04:41 م

عبد العزيز لازمفي ايامنا يكثر الحديث عن الاصلاح بسبب تعاعظم قوة الخلل في الحياة الاجتماعية والسياسية ، وهذا امر طبيعي في ظروفنا الإنتقالية ، بل انه يعبر عن حيوية مجتمعنا وعمق طموحه في تجاوز ما يعيق تطوره ويعطل حركة الارثقاء الى المستوى المادي والروحي الذي يستحقه . إن الدعوة الى الإصلاح ترتدي ثوب التنوع بله الإختلاف بسبب تمايزالمنطلقات والمصالح التي تتحكم بمطلقيها والداعين اليها
فنحن نرى مثلا إن الإصلاح السياسي يكتسب الأولوية القصوى بسبب حساسيتة وتاثيره المباشر وغير المباشر على المناحي الأخرى في النمو الإجنماعي وارتباطه المباشر بحياة الناس ومصائر البلاد العليا، وبضرورات التغيير التي تتطلبها ظروف البلاد . اذ ليس من المعقول ان تستمر الدوامة الرهيبة في طحن البلاد منذ بداية التغيير السياسي في 2003 لحد الآن دون ان يتفكر اولئك الذين وضعتهم الانتخابات الأخيرة في مركز القيادة  بوسائل جديدة لتخليص الشعب من هذه المطحنة بغض النظر عن حجم الجدل الجاري حول تلك الانتخابات. فيكون معنى الإصلاح هنا مرتبطاً بالتغيير الإيجابي الى أمام أما اذا بقي المصلحون مرتبطين في ذات الساحة والفعل السابقين فأنهم بذلك يعودون الى الوراء في عالم يسير الى الأمام  فيثبتون فشلهم في تبرير ثقة ناخبيهم ،كما إن التأخر الزائد في حسم أمور السلطة السياسية وتحديد هويتها الوطنية سيعزز عوامل الصدمة التي يعيشها الناس عموما .هنا لا نرى سببا لتنافر الآراء وتأخير الحسم غير تغليب المصالح الضيقة على المصالح العليا . وهذا الأمر ينسحب على المناحي الاخرى ، فالدعوة الى تغيير مواد الدستور والقوانين الأخرى مثلا تثير الجدل والخلاف ايضا جراء اختلاف واحيانا تنافر الأهداف والنوايا للداعين الى ذلك . لكننا نستطيع رؤية شيء من النور وراء قتامة هذا الإحتدام الذي تشهده البلاد اذا نظرنا الى تلك الدعوات المتنافرة على انها اشبه بالمادة الخام التي تحتاج الى الصقل كي تظهر بريقها الناصع بعد الحث والتجميل مع الحفاظ على الجوهر. على اننا يجب ان لا نتغاضى عن رؤية الصعوبات الجمة التي يمكن ان تقف في سبيل ذلك أيضا . لكن الشيء الأهم هواننا يتعين ان ننظر الى مادة الإصلاح وفق حقائقها الأصيلة الناصعة وليس حقائق رغباتنا المريحة. وهذا يتطلب ضمن ما يتطلب النظر الى اشكال الخلل ومواطنها على اساس النفاذ الى اسبابها المكونة الحقيقية . فالفقر مثلا يوجد في المجتمع ليس بسبب ارادة قدرية أو ماورائية ، بل ان اسبابه تستقر في جسم المجتمع نفسه وتعشش في تجاويف الخلل في البنية الاجتماعية . لذلك فمطلب الإصلاح هنا يتطلب البحث عن تلك التجاويف وردمها . ولن يتعب المصلح المتنور في العثورعليها فهي ماثلة للعيان وتقع في مرمى النظر وليس اقلها وضوحا هو استئثار القلة من ابناء المجتمع بالمصادر الغالبة للثروة وحرمان الكثرة الكاثرة من منافعها . إن انتشار الفقر بوجهه الأبشع، "العوز" ،هو في حقيقة امره صورة من صور طغيان روح الأنانية والنفعية الضيقة لدى قلة من الكواسر الأجتماعية التي عرفت كيفية استغلال الفرص "المشروعة" وغير المشروعة لتلبية دواعي انانيتها المفرطة في غفلة من اصحاب الحق في العيش الكريم . لقد صار الفقرسوطاعبرّعن قسوته الإمام علي عليه السلام أبلغ تعبير حين قال : "ما ضرب عبد بسوط اقسى من سوط الفقر" فكان أن شن هجومه الذي لم يعرف الهوان على هذا الغول المدمر . لكن اصحاب الثروات والغنى غير المشروعين تمردوا عليه وعلى حكمه الشرعي مستخدمين سلطة المال دون سلطة العقيدة ، سلطة الباطل ضد سلطة الحق الذي مثله الإمام خير تمثيل، ثم حصل ما حصل بين المعسكرين المتضادين. فكان ان دوّن اسم الأمام علي في التاريخ كأعظم مصلح في التاريخ . وحين نتفحص فحوى الإصلاح يمكن لنا ان نتساءل عن نمط هذا الإصلاح الذي نريد ويريده انصاره والمستفيدين منه . نعتقد ان جوهرهذا النشاط هو ذو طبيعة حقوقية إضافة الى طبيعته الإجتماعية ، أي انه موجه لمعالجة مشكل الحقوق الضائعة بفعل ظروف خلقتها مصالح غير مشروعة في إطار الصراع بين المصالح الذاتية الضيقة والمصالح التي تخص النفع العام والمرتبطة بمصالح المحرومين من الناس  . بهذا المعنى نكون قد سعينا الى الإقتراب من الجذور في تحقيق الإصلاح المطلوب وتخليص الجهد الإصلاحي من التركيز على سطح الحقائق دون الغوص في جوهرها. وهناك معنى آخر يتعلق بفعالية الإصلاح وشرعيته وهو ارتباط مظاهر الخلل ببعضها ارتباطا عضويا ، أي اننا لابد وان نرى تلك العلاقة التداخلية بين تلك المظاهر كي نفهم طبيعة التاثير المتبادل فيما بينها كخطوة تفرض نفسها للسير بالإصلاح الى مبتغاه المطلوب . على هذا الأساس لا نستطيع الحديث عن الاصلاح الإقنصادي أو المعيشي دون الحديث عن الاصلاح السياسي ولا نستطيع الحديث عن الاصلاح الثقافي دون اصلاح المناهج الدراسية وتقوية البنية التحتية للتعليم والثقافة وإصلاح المؤسسات المتخصصة .وكل ذلك يتوقف على وجود جيل من المنفذين اصحاب العزيمة المؤمنين حقا بضرورة تحقيق الإصلاح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram