TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > وجهة نظر ..أزمة الرواية الخالدة

وجهة نظر ..أزمة الرواية الخالدة

نشر في: 12 يونيو, 2010: 04:49 م

عبد الكريم يحيىكيف استطاع بروست باستخدام اللغة، تكثيف لحظة زمنية واحدة، واختزال وعيها؟ لماذا هناك روايات خالدة وروايات فانية؟ وما هو مقياس الخلود؟ لماذا لم تفقد رواية "دون كيشوتة" روعتها؟ لماذا اندثرت بقية نصوص ثربانتس عداها؟ "مَـن كان سيعرف ماركيز،
لو لم يكتب مائة عام من العزلة"؟ هذا السؤال طرحه ماركيز نفسه، لماذا استغرق جيمس جويس سبعة عشر عاماً في كتابة رواية واحدة؟ كيف تسنَّى لروائيٍّ عربيٍّ واحد أن يصدر ثلاث أو أربع روايات في عامٍ واحد؟ يقول مارسيل بروست (الكتب الحقيقية لا ينبغي أن تكون وليدة النهار، وتجاذب الحديث، بل وليدة العتمة والصمت) إبراهيم العريس- لغة الذات والحداثة الدائمة- دار المدى- 2006- دمشق- ص68.واعترفَ ماركيز أنَّهُ طيلة شهور طويلة من كتابتهِ "مائة عام من العزلة"، كان محبوساً في غرفته، لم ير زوجته، التي كانت تترك له الطعام أمام باب الغرفة وتذهب، وكذلك قال باموك، أنَّه لا يستطيع الكتابة قبل أن يضع نفسه في عزلةٍ تامة، وقال محمود درويش أنَّه لم يكتب سطراً واحداً إلا في غرفته وقرب مكتبتهِوقال بلزاك لتيوفيل جوتييه(يجب على الكاتب أنْ يزهد في النساء لأنَّهنَّ يضيعنَ وقته، وينبغي للمرء أنْ يقتصر على كتابته، وهذا ما يصنع الأسلوب) ستيفان تسفايغ- بناة العالم- ترجمة محمد حديد- دار المدى- 2003- دمشق- ج1- ص318.ويقول غراهام غرين(كتابة الرواية تشبه وضع رسالة في زجاجة وإلقائها في البحر، وقد تقع في أيدي أصدقاء، أو أعداء غير متوقعين) تجربتي في كتابة الرواية- غراهام غرين- ترجمة أحمد عمر شاهين- أخبار اليوم- 1991- القاهرة- ص11.لا كينونة الرواية العراقية، أو كينونة اللارواية العراقية، من اعترافها الشخصي:يسمونني رواية عراقية، لا شيء من شروط جنس الرواية ينقصني، صفحاتي كثيرة، لديَّ عنوان وبطلٌ شائعين، وشخصيات غير مقنعة، وأحداث مكررة، وبعض الأخطاء التي لا يكاد يخلو منها كتاب، ومن دار نشر شهيرة بعض الشيء، ولا ينقصني إلا قراءة صديقة. هناك روائيون عراقيون كُثْر، ولكن أين الرواية العراقية؟ وأينَ مكانتها بين الروايات العربية أو العالمية؟ تقول دينا دريفوس(إنَّ قراءة رواية ما، تعني التصديق، فلا بدَّ للرواية أنْ تُحقِّق الإيهام، أو أنْ تتخلى عن نفسها)ألبير ليونار- أزمة مفهوم الأدب في القرن العشرين- ترجمة زياد العودة- وزارة الثقافة- 2002- دمشق- ص137. لماذا يظل القاص يشعر بعقدة نقص تؤرِّقُهُ، وتدفعه جبراً لأنْ يكتب رواية رديئة، فيحوز لقب روائي، ولكن لا أحد يسأل أينَ روايته؟ الروائي المأخوذ بالتراكيب الجاهزة، يمرُّ من جانب الحياة، دون أنْ يُحقِّقَ تماساً معها، (إنَّ نصف تاريخ الشعر الحديث هو قصة افتتان الشعراء بأنساق صاغها العقل النقدي) بحسب أوكتافيو باث، وكذلك أكثر من نصف تاريخ الرواية، وإذا نجت الرواية من القوالب الجاهزة، ستقع في شِراك البيوغرافية، بينما على شخصيات الرواية أنْ تحتفظ بخصائص تميزها عن الروائي الذي منحها الحياة، وحين قال آلن روب غرييه (الكاتب هو الذي ليس لديه شيءٌ ليقوله) لم يقصد المعنى الحرفي للعبارة، بل يقصد أنْ يكون حذراً من الانحدار إلى الرواية البيوغرافية، وأنْ يعمد الكاتب إلى أشياء تافهة أو ميتة في حياتنا، فيمنحها الحياة، أنا القارئ أريد من القصة التي أقرؤها أن تزيل الحُجُبْ، وتكشف المستور عَنْ حقائق الأشياء البسيطة المحيطة بحياتنا اليومية، وتدهشنا بطرح أفكار جديدة، لم ترصدها يوماً حواسنا التي تعمل بطريقة آلية، كما يقول شلوفسكي(إنَّ الناس الذين يعيشون على الشواطئ سرعان ما يتعودون على هدير الأمواج، حتى أنَّهم لا يحسون بها ولا يسمعونها عادةً، ولنفس السبب فإننا لا نكاد نسمع كلماتنا نفسها.. وننظر إلى ما نألفه فلا نراه، ومن هنا يضعف إحساسنا بالعالم..ومهمة الفنان محاربة هذا الروتين الآلي بنزع الأشياء عن إطارها المألوف..ولذك فإنَّ الشاعر يعمد إلى كسر القوالب اللغوية ليجبرنا على تجديد تلقينا للأشياء من خلال التحول المجازي..تعيد لنا حدَّة التصور بعدَ أنْ تثلمها العادة، ونكتشف كثافة العالم المحيط بنا بعد أنْ يُفَرِّغُهُ الروتين). د.صلاح فضل- نظرية البنائية في النقد الأدبي- دار الشروق- ط1- 1998- القاهرة- ص57. على الروائي أنْ يعثر علي أشكال ملائمة لحكايته وشخصياته، قبل أنْ يشرع في كتابتها، عليه أنْ يمنحنا الحياة، أو إقناعنا بإلقائنا فيها، خاصةً بعد أنْ (أظهر النقد الحديث من خلال تدقيقه المتشدِّد، أنَّ الجمال والحقيقة يكونان في الأدب شيئاً واحداً غير قابل للتجزئة) وليام فان أوكونور- أشكال الرواية الحديثة- ترجمة نجيب المانع- دار الرشيد- 1980- بغداد- ص15.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram