TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > انعكاس أمراض وأخطاء السياسة العربية على الشارع

انعكاس أمراض وأخطاء السياسة العربية على الشارع

نشر في: 12 يونيو, 2010: 04:56 م

شاكر النابلسيارتكبت الأنظمة العربية والأحزاب العربية أخطاء كثيرة في حق الشارع العربي. وأوقعت هذه الأنظمة وهذه الأحزاب الشارع العربي في محنة قوامها الارتباك، والحيرة، وغموض الرؤيا. وقد أفرزت هذه المحنة – بالتالي - خطاباً عربياً زاعقاً، تندرج عناوينه تحت الشعور بالعجز، إلى الشعور بالغضب. وهو شعور مستهلك، وعابر، في المزاج العربي، يؤدي إلى شعور بالاستقالة من الحياة ذاتها. وهو ما نطلق عليه موات الشارع العربي، الذي عرفناه منذ سنوات طويلة.
لماذا لا يوجد رأي عام عربي ؟هناك سؤال حائر، يردده دائماً المعلقون العرب والغربيون، وهو:لماذا لا يوجد رأي عام عربي، تحتكم إليه الأنظمة العربية في قضاياها العامة؟يرى بعض المحللين، أن هذا لا يعود  إلى الجماهير، وإنما يعود إلى السلطات الحاكمة في العالم العربي، التي لا تتيح هامشاً كبيراً من الديمقراطية. وهذه المقولة ليست كلها صحيحة. فالديمقراطية كالدواء يجب أن تُعطى بحساب ودقة. والديمقراطية بذرة ‏سياسية صالحة، يجب أن تهيأ الأرض الصالحة لإنباتها. وهذا الإنبات، لا يتم إلا بالقضاء على الأميّة ورفع كفاءة التعليم، والتخلص من التعليم الموجه ضد تكفير الآخر، ومناصبته العداء، وفتح النوافذ لدخول الهواء النقي من كافة الجهات الأربع. rnالانفصام التام بين ما يُقال وما يُفعل لقد عانى الشارع العربي، من العقل العربي المستباح، والانفصام التام، بين ما يُقال وبين ما يُفعل. بحيث أن مبدعي الأمة استقالوا من مهنة توعية الشارع العربي، وغابوا أو غيّبوا، وتركوا الشارع العربي يُعرب عن غضبه من خلال الكوفية (الحطَّة) والشال، والتظاهرات، والتحليلات الجوفاء والرعناء، التي تملأ معظم الفضائيات العربية. وبقي الشارع العربي مجرد (هبّات) غضب عصبية، عابرة، كسحب الصيف، لقضايا كبيرة مستمرة. rn‏عجز النقد العربي النظريلقد لقي الشارع العربي معاناة كبيرة، من عجز النقد النظري، والحركات الاجتماعية (الاتحادات، النقابات، الجمعيات، الأحزاب، وقوى المجتمع المدني كافة) من أن يقوم كل منها بمفرده في تفعيل عملية التغيير، في بنية الواقع. وغدت الأزمات الحادة التي تجتاح الشارع العربي مفجراً غير ثوري، لإمكانية تحقيق تربيات اجتماعية جديدة، تتركز حول محاور رئيسية ثلاثة: الحداثة، ‏والديمقراطية، وتحرير المرأة. rnتغييب الشارع العربي‏لقد لاحظ كثير من المحللين، أن الشارع العربي منقطع عن مجريات السياسة، والفهم فهماً عقلانياً لما يدور في هذا العالم. فالشباب العربي لا يقرأ. والكاتب والناشر في أزمة حادة. وأهم كتاب في العالم العربي، لا يبيع أكثر من ثلاثة آلاف نسخة. في حين أن ألبوم غنائي (تنطيطي) سخيف من غناء (القُرداتية الجُدد) يبيع عشرات الآلاف من النسخ. ومجلات أدبية ثقافية كثيرة ورزينة، توقفت عن الصدور (دراسات عربية، الكرمل، المهد، وغيرها) وأخرى تفكر في التوقف عن الصدور (الآداب وغيرها) لخسارتها الفادحة، نتيجة لانصراف القراء عنها. في حين أن مجلات "النجوم" الغنائية والسينمائية الرخيصة، توزع عشرات الآلاف من النسخ. وهذه فضيحة الأميّة الثقافية، التي يغرق في نومها العسلي العالم العربي. ونتيجة للأميّة الأبجدية، التي تعتبر من أكبر نسب الأميّة في العالم، حسب تقارير عدة من الأمم المتحدة للتنمية البشرية. ففي مطلع القرن الحادي والعشرين، بلغ عدد الأميين البالغين من العرب 65 ‏مليوناً، ولا يتوقع أن يزول هذا التحدي سريعاً. فما زال حوالي عشرة ملايين طفل في سن التعليم، غير ملتحقين بالمدارس. ويرى بعض المراقبين لحراك الشارح العربي في العام 2009 ‏أن الطلبة الذين تشكَّل وعيهم على ضوء الضربات الأمريكية المستمرة للعراق وفلسطين، كانوا من جيل جديد، انقطعت صلته بالحركة ‏الوطنية ربع قرن، ووضعته الظروف في مواجهة أمريكا وإسرائيل مباشرة من منطلقات سياسية متعددة. وكان هذا الجيل جيلاً بلا أحزاب سياسية مؤثرة، وقوية.‏ ‏  الاعتراف بالمسؤولية ضرورة أخلاقيةإن عدم نقد الذات، والاعتراف بجزء كبير من مسؤولياتنا عما يجري في العالم العربي ككل، من الأخطاء الكبيرة، التي أورثتها الأنظمة العربية والأحزاب العربية للشارع العربي. فعدم الاعتراف بمسؤولياتنا الجماعية، لا يعكس فحسب ضرورة أخلاقية، أو يؤكد شجاعة أمة - وهي تعبُر نفقاً تاريخياً مظلماً، تملؤه الأشباح، والخفافيش، والأموات المرعبة - بل لأن مثل هذا الاعتراف، هو البداية الصحيحة والسويّة والمنهجية، إذا ما أردنا حقا تجاوز ‏المأزق العربي الراهن.rnفقد قيمتين أساسيتينلا شك لكل ذي بصر وبصيرة أن يدرك، بُعد مشروعنا الحضاري عن المنال. فالعرب الذين يمثلون الشارع العربي ‏والرأي العام العربي، فقدوا قيمتين أساسيتين: قيمة العلم وقيمة العمل. فالمشروع العربي النهضوي - إن وُجد - يفتقر بشدة إلى منهاج عقلاني على مستوى النظرية والتطبيق. فعلى مستوى النظرية، ليس لدينا معيار منهجي حقيقي في الحكم على الأشياء. فالنقمة لدينا تصبح نعمة. والهزيمة تصبح نصراً. ونظام التعليم المُتعثِّر، تجربة يُشيد بها العالم! وعلى مستوى التطبيق، يكفي إلقاء نظرة على الأرقام المخصصة للبحث العلمي، في الموازنات السنوية للدول العربية. أما قيمة العمل فقد غابت، وأصبح حق الصياح في الشارح العربي، بديلاً عن واج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram