حاتم عبد العزيز الدليمي هي اول جريدة رسمية صدرت في العراق أسسها الوالي العثماني مدحت باشا الملقب "ابو الاحرار" عام 1869 وقد جلب اليها مدحت باشا مطبعة من باريس سميت بمطبعة الولاية، وتعتبر هذه المطبعة اول مطبعة بخارية دخلت الى العراق اذ لم يسبق ان دخلت قبل هذا الاوان مطبعة بخارية الى العراق..كانت توجد مطابع حجرية قليلة منتشرة في بعض ارجاء البلاد.
وكانت هذه الجريدة تصدر باللغتين العربية والتركية بالحجم المتوسط وبثماني صفحات ثم اخذت فيما بعد تصدر باربع صفحات اثنتان باللغة العربية واثنتان بالتركية ويتراوح حجمها بالسنتيمتر 33× 27 (أي ان طولها يبلغ 44 سم وعرضها 27سم) ولما صدر الدستور العثماني عام 1908 ، وصدرت في بغداد جرائد باللغة العربية طوى قسمها العربي واخذت تكتب باللغة التركية فقط ولكن هذا لم يدم طويلا حتى عادت تنشر باللغتين المذكورتين عام 1913 ، وقد اصاب القسم العربي منها التباين في اسلوبها ولغتها. وقد صدر العدد الاول منها في يوم الثلاثاء 16 حزيران عام 1869 وجاء على صدر عددها الاول "ان هذه الفازيتا تطبع في الاسبوع مرة يوم الثلاثاء وهي حاوية لكل نوع من الاخبار والحوادث الداخلية والخارجية".. ومن هذه الكتابة نستنتج ان الجريدة كانت تصدر مرة في الاسبوع في يوم الثلاثاء فقط غير انني عثرت في صدر العدد 126 الصادر في سنتها الثانية ما يلي (هذه الجريدة تطبع في الاسبوع مرتين يوم السبت ويوم الثلاثاء وهي حاوية لكل نوع من اخبار والحوادث الداخلية والخارجية وقيمتها عن سنة (100) من ستة اشهر (55) غرشا وكل نسخة منها (50) باره ويضم على الجرائد نقلها البسته للخارج (25) غرشا اجرة البوسنة والذي يرغب في أخذها وشرائها فليراجع مطبعة مركز الولاية وللاسف ان الاعداد الاولى منها تفتقر اليها المكتبات العراقية الحكومية منها والاهلية.. وهذا السبب الذي جعلني الا اجزم جزما قاطعا واكيدا عن متى بدأت تصدر في الاسبوع مرتين، غير انني اتوقع صدورها في الاسبوع مرتين جاء عند بداية سنتها الثانية.. ثم عاودت الصدور في الاسبوع مرة واحدة. فقد جاء في عددها 1218 بانها "جريدة رسمية اسبوعية مختصة بولاية بغداد".. وقد نشرت في عددها الاول صورة الفرمان العالي لمدحت باشا بتوليه ولاية بغداد وهذه بعض فقراته المترجمة الى العربية بلغة ذلك العهد. وزيري سمير الدرايه مدحت بشا:توقيعي الهمايوني الرفيع اذا وصل يصير معلوماته من المستغني عن الوصف والبيان والايضاح والتبيان ، خطة ولاية بغداد الجسيمة من اعظم القطع المركبة من الممالك المحروسة من دولتي العلية ومن اقتضاء ارضها ووضعها قابلة لكل نوع من الاعمار والترقي وهذا شيء من المسلمات وبناء على كل نوع لاجل استصال اسباب اعمارها اعز الامال والمطالب عند سلطتي الهمايونية اقتضى انتخاب وتعيين ذات مقتدر بمنه تعالى بايصال الفعل الى حيزه في رأس ادارة ذلك المحل وفق امالي الهمايونية وانت الى الان بوقوفك ووجودك في خطوب سلطتي السنية مع اتصالك بالغيرة والاقدام والدراية وحسن ابراز خدماتك ان شاء الله الملك المعين تقتدر على ايفاء مطلبي المستصحب للميمنة والخير. فقد صدرت ارادتي السنية المزينة لسنوح المواهب احالة وتقويض ادارة امور ملكية وعسكرية الولاية المذكورة اعتبارا من اليوم الثاني من شهر ذي القعدة عام الف ومئتين وخمسة وثمانين بعهدة لياقتك". وجاء في هذا العدد الاول ايضا وتحت عنوان المقالة ورد خطاب مدحت باشا الذي القاه بالاحتفال بقراءة ذلك الفرمان العالي وكان خطابه هذا بمثابة منهاج وزاري في وقتنا الحاضر وصف فيه حالة العراق الاجتماعية والصحية والثقافية وحث الشعب الى التعاون مع السلطة في سبيل خدمة العراق ودفع عجلة التاريخ نحو الامام.وظلت الزوراء تتوالى في صدورها بهذا الشكل حتى اذن الوقت لان تحجب عن الانظار وتخفى عن اعين القراء اخر عدد من اعدادها وكان ذلك العدد الاخير المرقم 2606 كم عام 1917 وبذلك يكون مجموع ما صدرت به الجريدة من اعوام تسع واربعين عاما حيث لم تر هذه الجريدة النور من بعد ذلك العام. الظروف التي صدرت بها الزوراء ظهرت جريدة الزوراء في ظروف متباينة الاحوال مختلفة الاشكال وليس لنا ان نجعل منها ظرفاً واحداً محدداً انما هي ظروف وعوامل ساعدت وهيأت جوا مناسبا من الحالة التي عاشها العراقيون تلكم الاعوام الصعبة من تاريخ حياتهم.. ويمكننا ان نجعل الظروف السياسية في الصدارة حيث كان العراق خاضعاً للحكم العثماني ولم يكن هذا البلد الطيب الوافر الخيرات الا ولاية مهملة شأنها شأن اية ولاية اخرى يرفرف عليها علم الامبراطورية الواسعة. فالقلاقل والاضطرابات واستبدال الولاة كل حين شحن الموقف السياسي بشحنات من التذبذب لم تركد الا في عهد الوالي مدحت باشا حيث استطاع ان يعمل ولحد ما باخلاص نحو تقدم هذا البلد حينما كانت الظروف الاجتماعية متدهورة للغاية والامراض في كل مكان والبطالة متفشية والتدهور الخلقي ترسم الخطوط العريضة لسلوك المجتمع العراقي انذاك. اما النواحي الاقتصادية فليست احسن شأناً من سابقتها فليس ثمة اقتصاد مركز مبني على ما لهذا البلد من نتاج بل خصص له من وارد الدولة ككل جزء ضئيل لايقاس ما يجب ان يكون عليه من تقدم حضاري وعمراني. اما الناحية الثقافية فكانت اسوأ
لماذا سميت اول جريدة عراقية بـ (الزوراء)
نشر في: 13 يونيو, 2010: 04:30 م