TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج الحدود ..بديل الرضوخ لمنطق العاطفة

خارج الحدود ..بديل الرضوخ لمنطق العاطفة

نشر في: 13 يونيو, 2010: 06:28 م

 حازم مبيضين الرد السليم على حماقة نتنياهو في غزة، هو بالضبط ما قام به الملك عبد الله والرئيس الفلسطيني محمود عباس، حين سافرا إلى واشنطن، داعين إلى ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة وفورية لانهاء معاناة الفلسطينيين، وإزالة العقبات التي تواجه جهود حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي سلمياً،
وبما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، لأن استمرار الوضع الراهن سيزيد من التوتر الذي سيؤدي إلى دوامة جديدة من العنف تهدد الاستقرار الاقليمي والدولي، وذلك بدلاً من الصراخ الذي لا يجد من يسمعه، وبدلاً من الاكتفاء بشتم إسرائيل، التي كان يبدو أنها فازت بالابل قبل هذا التحرك. أسفر هذا التحرك الدبلوماسي العاقل عن موقف أميركي جديد، تمثل بدعوة الرئيس الاميركي لإسرائيل إلى تخفيف القيود على وصول المعونات الإنسانية إلى غزة، والاستجابة لمطالب مجلس الأمن الدولي، بإجراء تحقيق موثوق به لضمان عدم تكرارمأساة قافلة أسطول الحرية، وتعهده بتقديم معونة بقيمة 400 مليون دولار للفلسطينيين، وفي الحسابات المنطقية فان هذه مكاسب في ظل ميزان القوى القائم، وهي مكاسب تتجاوز الدعوات المجانية لقطع العلاقات مع الدولة العبرية، لان معنى ذلك ترك الفلسطينيين تحت " رحمة " نتنياهو، وتتجاوز الدعوة للانسحاب من العملية التفاوضية، وترك اسرائيل تواصل تهويد ما تبقى من الأرض المحتلة، وتدفن فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة.كان تحرك الزعيمين البديل المنطقي للرضوخ إلى منطق العاطفة – إن كان فيها منطق - ، فهما يدركان أهمية الدور الأميركي في الجهود السلمية، ولعله كان مفيداً اغتنام الفرصة لتذكير أوباما بالتزامه بإيجاد حل للصراع، على أساس حل الدولتين وفي سياق إقليمي شامل، وكان مهماً تذكير الإدارة الأميركية بضرورة رفع الحصار عن الغزيين، وإنهاء ما يسببه من معاناة إنسانية لا يمكن السكوت عليها. والتأكيد مجدداً أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو جوهر الصراع، وأن حله هو السبيل الوحيد لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة.لم تكن واشنطن المحطة الوحيدة في التحرك السياسي المزدوج والمكمل لبعضه، فالملك عبد الله زار لندن وبعدها النرويج، وعباس زار مدريد وبعدها باريس، وبذلك يكون التحرك الايجابي قد أخذ أبعاده وسيعطي نتائجه، وهو ما كان على العرب جميعاً القيام به والتحرك في إطاره، بدل تسيير التظاهرات التي يتوقف تأثيرها عند آخر مدى تصل إليه هتافات المتظاهرين، وهذا ليس تقليلاً من دور التحرك الشعبي والجماهيري، بقدر ما هو دعوة لتأطير هذا الحراك، ودفعه في الاتجاه الايجابي، بدل استغلاله من بعض متصيدي مثل هكذا مواقف لتنفيذ أجندات خاصة وهم يمتطون صهوات عواطف الجماهير ويوجهونها إلى مصالحهم الخاصة والضيقة.    إسرائيل وهي تقدر نتائج حراك الزعيمين العربيين المؤمنين بالسلام، حاولت استباق الأمور بتخفيف شكلي لقائمة السلع الممنوع إدخالها إلى غزة، خصوصاً وهي تعرف أن إدارة أوباما تعدّ خطة إستراتيجية متكاملة، تتضمن نشر قوات دولية في قطاع غزة، ووقف إطلاق نار دائماً وشاملاً بين إسرائيل وحركة حماس، ولا نأتي بجديد إن قلنا إن الطرفين يتمنيان ذلك، وليس سراً أن كل شعوب المنطقة تتمنى ذلك، على أمل أن يكون خطوة حقيقية نحو سلام دائم وشامل وعادل، يأخذ بالاعتبار حل مشاكل إسرائيل مع كل جيرانها. استثمار الخسارة شبيه باستثمار الفوز، ولكنه يحتاج إلى شجاعة استثنائية كالتي يتمتع بها الزعيمان، ولا يحتاج للركون إلى هياج الجماهير الغاضبة والمحتقنة، والتي قد تكون انخرطت في المظاهرات لأسباب أخرى لا علاقة لها بما هو معلن، وقد يكون شعورها بالإحباط هو الدافع الأساس لتحركها، أما الداعون لقطع العلاقات الدبلوماسية والانسحاب من العملية السياسية، فأنهم لا يقدمون بديلاً منطقياً ومقنعاً وعملياً لتلك الخطوة التي نعرف بالتأكيد أنها غير مدروسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram