يوسف أبو الفوزفنلندا هذا البلد الاوروبي الصغير (خمسة ملايين نسمة)، المرمي على حافة القطب الشمالي، منذ اشهر وهو يواجه أزمة سياسية، عصفت بالحياة السياسية للبلاد، وجعل من قوى المعارضة، داخل وخارج البرلمان، تضغط لإجراء تغييرات في تركيبة الحكومة الحالية للمساعدة في استعادة الحياة السياسية شيئا من عافيتها. في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في آذار 2007،
كانت حصيلة التنافس على 200 مقعد في البرلمان، هو أن حزب الوسط الفنلندي (المزارعين سابقا) حقق أعلى النسب بحصوله على 51 مقعدا، فكلف وفقا للدستور بتشكيل الحكومة، التي جاءت حكومة شراكة وطنية، او كما يسميها الشارع الفنلندي"حكومة قوس قزح"، حيث ضمت حزب الاتحاد الوطني الفنلندي (يمين) وهو ثاني أكبر الاحزاب الفائزة في الانتخابات وحصل على 50 مقعدا، الى جانب حزب الخضر (يسار) الذي جاء بالمرتبة الخامسة وحصل على 15 مقعدا، وحزب فنلندا الاساس (يمين متطرف) الذي حقق نتائج متواضعة بحصوله على 5 مقاعد، وترأس الحكومة زعيم حزب الوسط السيد ماتي فانهانين (مواليد 1955)، بينما انتقل الى صفوف المعارضة الحزب الاجتماعي الديمقراطي (يسار)، الذي حصل على 45 مقعداً، والذي لطالما كان الحزب الاكبر في البلاد حيث قاد عدة حكومات لفترات طويلة، ومعه في مقاعد المعارضة جلس اتحاد اليسار الذي حصل على 17 مقعدا، والى جانبهم حزب الشعب السويدي بتسعة مقاعد والديمقراطي المسيحي بسبعة مقاعد. ونشطت المعارضة في الآونة الاخيرة لكشف مساوئ الحكومة الحالية، التي تعاني مشاكل جدية عديدة، نتيجة سياستها الاقتصادية التي اعتمدت الخصخصة والتراجع والالتفاف حول منجزات ومكاسب حققها الشعب الفنلندي بنضالاته المطلبية الطويلة، ما سبب نشوء ازمة سياسية، وبرزت اتهامات جدية حول فساد وبوادر رشاوى في البرلمان والحكومة، فالسياسة الاقتصادية التي اعتمدتها الحكومة الحالية، في ظل الازمة الاقتصادية العالمية، قادت البلاد الى ازمات عديدة تسببت في العديد من الاضرابات عن العمل لقطاعات الصحة والتربية والتعليم والنقل والخدمات، وذلك من اجل تحسين مستواهم الاقتصادي والمعيشي، فمع ثبات معدلات الاجور وارتفاع الضرائب،ترتفع اسعار السكن والنقل والمواد الغذائية، وارتفعت نسبة البطالة لتصل الى معدلات غير مسبوقة في العقد الاخير حيث بلغت هذا العام 2010 نسبة 8.50 % بينما كانت في العام الماضي 6.40 %.من ابرز الشخصيات التي توجهت اليها الاتهامات رئيس الوزراء وزعيم حزب الوسط السيد ماتي فانهانين، حيث ثبت انه خلال رئاسته رابطة شباب حزب الوسط (1980 ـ 1983)، استغل منصبه واستخدم مواد بناء تعود الى مؤسسة دعم الشباب لبناء بيته، وثم تتالت فضائحه النسائية، وتعدى الامر حدود الحرية الشخصية، اذ صار ضيفا دائما في صفحات الفضائح، بحيث ان احدى عشيقاته حققت الشهرة والثراء من كتاب فضائحي عن علاقتها به ضمنته رسائله اليها، فتوجهت اليه بشدة نيران الانتقادات من مؤسسات تربوية وكنسية وسياسية، باعتباره شخصية اعتبارية ويجب ان تكون مثالا وقدوة حسنة. نجحت المعارضة في ضغوطها المتكررة بكشف حوادث رشوة اخرى في داخل الحكومة والبرلمان ما اضعفت حجم التأييد الشعبي للحكومة الحالية، التي راحت توصف بالحكومة اليمينية، وأدى ذلك إلى جعل حزب الخضر في موقف لا يحسد عليه باعتباره محسوبا على جبهة قوى اليسار لكنه يشارك في حكومة تسبب في افقار الشعب، ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، في نيسان من العام القادم، والتوجه الجاد لقوى اليسار، لبناء تحالف (احمر ـ اخضر) لمواجهة تحالف اليمين الحاكم، راحت اوساط داخل الحكومة تضغط لاستبدال رئيس الوزراء ماتي فانهانين، وراحت اوساط من داخل حزب الوسط تنادي باستبدال زعامة الحزب، وقاد كل هذا الى ازمة سياسية انتقلت نيرانها من مقاعد البرلمان الى الشارع الفنلندي، فكان توالي الاضرابات التي لم تعد تكتفي بالشعارات السياسية فقط بل ظهرت شعارات تتناول السلوك الاجتماعي لرموز الحكومة التي صارت الصحافة تسلط الضوء عليها يوما بعد آخر. رئيس الوزراء الفنلندي السابق، وزعيم حزب الوسط، ماتي فانهانين، حاول ان ينحني امام العاصفة، فصرح بأن اوضاعه الصحية ستجبره على التقليل من مسؤولياته والتنحي عن زعامة الحزب والاحتفاظ بمقعد رئاسة الوزراء، لكن الضغوط من قبل المعارضة تواصلت، وراحت تكشف مزيدا من المعلومات عن حوادث الفساد في الحكومة، وراحت تنادي باستبدال رئيس الوزراء اولا، وتوافق هذا مع اصوات معارضة من داخل حزب الاتحاد الوطني الفنلندي اليميني الشريك في الحكومة، الذي يرى بان قوى المعارضة، وقوى اليسار تنجح في استثمار الازمة لإعادة بناء صفوفها، فأرتفعت اصوات من حزب اليمين تنادي ايضا بأستبدال رئيس الوزراء، وهكذا وصل حزب الوسط الى قرار خلال عدة اجتماعات ماراثونية لقياداته بأن يختار حزب الوسط زعيما جديدا لرئاسته، ويكون هو رئيس الوزراء الجديد، والاعلان عن تقاعد ماتي فانهانين لاسباب صحية، حفظا لماء الوجه، ولمحاولة الالتفاف على تهم الفساد التي توجه اليه وللحكومة الحالية. واخيرا في 12 حزيران 2010، وفي مؤتمر عاصف لحزب الوسط، شارك فيه 2500 مندوب لعموم البلاد، لاختيار زعيم جديد من اربعة مرشحين، ينتمون الى اجيال مختلفة من قيادات حزب الوسط وقفوا على خشبة المسرح امام المو
فـي فنلندا اختيار رئيس وزراء جديد بسبب تهم الفساد
نشر في: 13 يونيو, 2010: 08:42 م