بغداد/ المدى يبدو ان محاولة اقتحام البنك المركزي العراقي تؤكد تقطع السبل أمام تنظيم القاعدة في الحصول على مصادر تمويل. تحليلات الخبراء المختصين بشؤون التنظيمات الإرهابية كانت تتحدث عن مشكلة جدية تعانيها القاعدة في الحصول على الأموال من اجل تنفيذ عملياتها المسلحة،
لكن تفاصيل العملية الأشرس منذ 2003، التي شهدتها بغداد ظهيرة أول أمس تؤكد أمرين: الأول: تحول نوعي في تنفيذ العمليات إذ كان واضحا إن التفجيرات المتتابعة سهلت، لاحقا، دخول عناصر المجموعة إلى داخل المصرف، وهي طريقة تحاكي جرائم سطو مشهورة عالميا – أما الآخر: فان العملية فيها الكثير من المجازفة والمغامرة الأمر الذي يعني، بشكل من الأشكال، إن الرصيد المالي للقاعدة يلفظ أنفاسه الأخيرة.وتعد عملية اقتحام البنك من إرهابيين هي الأولى من نوعها تجري في العراق منذ سبع سنين حيث لم يستطع تنظيم القاعدة الإرهابي طوال فترة وجوده في العاصمة بغداد اقتحام مؤسسة عراقية اقتصادية أو أمنية بهذا القدر من الأهمية، والتحصن فيها واخذ موظفيها رهائن لديها، كما تعد العملية خرقا كبيرا للخطط الأمنية المطبقة في العاصمة بغداد، إضافة إلى انها تشير إلى عودة قيام المجاميع الإرهابية المسلحة بأعمال العنف من خلال السيارات التابعة للأجهزة الأمنية والزي العسكري في مؤشر خطير يذكر بالحوادث التي حصلت إبان عامي 2006 و2007. تقول مراكز البحوث إن القاعدة تخلت عن الطريقة الكلاسيكية في التمويل وهي جمع التبرعات ونقلها إلى خلايا وقواعد التنظيم، وجاء هذا التخلي بعد عديد الإجراءات التي اتخذتها الأجهزة الرسمية في دول المنطقة والعالم بملاحقة معاملات القاعدة المالية من الأمم المتحدة واللجان الأميركية الخاصة وشرطة مكافحة الإرهاب في الدول الأوربية، وبعض إدارات المصارف، الأمر الذي جعل من الصعب على الإرهابيين القيام بعمليات لوجستية مثل السفر وشراء المواد وتوفير المال لعائلاتهم وتجنيد مزيد من المتطوعين. وصحيح إن مشروع القاعدة في المنطقة يبلغ من الأهمية السياسية والإيديولوجية الكثير بالنسبة إليها، لكنها، المشاريع، تصطدم بندرة الأموال وصعوبة التحرك. لذا لجأ هؤلاء إلى تكتيك جديد يعتمد على طرق جديدة في استحصال الأموال. و بما أن الأموال مصدر رئيسي في استمرار القاعدة في عملياتها وتوسيع أنشطتها فإن عددا ً من المراقبين يتوقع أن تقوم القاعدة بعمليات سطو اخرى على عدد من البنوك والمصارف ومحاولات للهجوم على محال الصاغة. و تحتاج القاعدة إلى العنصر المادي لشراء الأسلحة والقيام بعمليات التفجير، إضافة إلى الدفع لعناصر التنظيم ورعاية عوائل الانتحاريين والدفع لبعض الأفراد الذين يوفرون الحاضنات للخلايا لتسهيل وجودها في المناطق الستراتيجية في بغداد وغيرها. وتفيد تقارير صحفية أن ميزانية القاعدة قبل هجمات أيلول 2001 بلغت نحو 30 مليون دولار. إلا انها ارتفعت بعد ذلك إلى أضعاف هذا الرقم وتناقصت مجددا ً بسبب الأزمة المالية العالمية وتدهور بعض الأسواق والإجراءات المتخذة من بعض الحكومات لتجفيف مصادر التمويل. و كانت القاعدة قد نجحت في السنين السابقة ومن خلال حسابات مصرفية بأسماء وسطاء في استثمار ما يعادل 300 مليون دولار في دول عديدة. إلا أن هذه المكاسب كانت قد تقلصت في فترات لاحقة بسبب الملاحقات الدولية لهؤلاء الوسطاء وأزمة المال العالمية. و قد عبّر عدد من زعماء القاعدة عن هذه الضائقة المالية، التي يمر بها التنظيم. فقد ظهر مؤخرا ً عدد من التسجيلات بصوت الظواهري والمدعو أبو يحيى الليبي يحثون فيها أنصارهم على الإنفاق لدعم (المجاهدين) بحسب تعبيرهم. وما يؤكد مزاعم نفاد المال في خزينة القاعدة، هو خسارة التنظيم لرجال المال الداعمين له، إذ تلقت القاعدة مؤخرا ضربة قوية بخسارتها مصطفى أبو اليزيد، وهو 'المسؤول المالي الأبرز' في تنظيم 'القاعدة'، حيث نسّق عمليات جمع التبرعات وأشرف على توزيع المال الضروري لاستمرار هذا التنظيم. صحيح أن موت أبو اليزيد سلب تنظيم 'القاعدة' أحد قادته الأساسيين، لكن العقيدة، التي تعزز الإرهاب مازالت تجذب الكثيرين إليها. لذلك يدعو مركز البحوث إلى تكثيف الجهود للحؤول دون ظهور جيل جديد ممن قد يواصلون عمل أبو اليزيد، الذي تفرد بكثرة صلاته بالأثرياء الذين طالما شكلوا عماد شبكة دعم 'القاعدة' المالي. نتيجة لذلك، تراجع تنظيم 'القاعدة' ليبلغ راهناً وضعه المالي الأضعف منذ سنين. وفي العودة إلى الجيل الجديد للقاعدة، فان القيادات البديلة تسلمت زمام الأمور وبخزينة مفلسة، لذلك كان يتوجب عليهم التحرك سريعا للحصول على مصادر التمويل من اجل مواصلة العمليات. الطريقة الجديدة وغير المعهودة في عملية البنك المركزي العراقي تكشف طرازا مغايرا من القيادات وهي على الأكثر، بحسب مراكز بحثية، شخصيات شابة تعرف الكثير عن التكنلوجيا ومنخرطة بشكل قوي في الأوساط المجتمعية، لذلك فان قوتهم ستكون أكثر بطشا وذكاءً. من جانب اخر كشف وزير الأمن الوطني العراقي شيروان الوائلي، الاثنين، عن قيام سبعة انتحاريين بتفجير أنفسهم أول أمس الأحد، خلال اقتحام المسلحين مبنى البنك المرك
عملية البنك المركزي تؤشر تحولا نوعيا في العمليات الإرهابية
نشر في: 14 يونيو, 2010: 10:47 م