اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > منطقة محررة ..فـي مديح زوجة الكاتب

منطقة محررة ..فـي مديح زوجة الكاتب

نشر في: 15 يونيو, 2010: 04:52 م

نجم والي كانت في الأصل بنتاً وُلدت من علاقة غير شرعية، وكان أسمها غابرييلا ميلاي، قبل أن تتزوج الكاتب الفرنسي المشهور في القرن التاسع عشر، أميل زولا، ليصبح أسمها الكسندرا أميل زولا. كانت الكسندرا معروفة قبل زواجها، بشخصية تلك الفتاة الشابة التي قامت بتزيين معظم لوحات الرسام المشهور سيزان؛
إذ كانت موديله الدائم، وهو سيزان الذي قدمها للمرة الأولى لصديقه الكاتب زولا، في العام 1865. بعد زواجها من أميل زولا، تغيرت حياة تلك الفتاة، التي كانت كما يُقال عنها تمارس حياة طائشة بعض الشيء، لتتحول إلى سيدة "راقية" تحتفي بضيوفها في مكان إقامتها مع زوجها "Médan"، وتقوم  بوعي بممارسة كل ما يتطلب أن تقوم به سيدة تنتمي للطبقة الراقية، البورجوازية الكبيرة.ذلك ما نقرأه في السيرة الممتعة التي كتبتها الباحثة الأدبية ايفلين بلوخ دانو، المنشور حديثاً بالألمانية تحت عنوان:"مدام زولا، في مديح زوجة الكاتب" ، والتي نتعرف من خلالها ليس على حياة الزوجة الكسندرا زولا وحسب، إنما على خلفية كل تلك الحوادث السياسية، الاجتماعية والثقافية التي دمغت النصف الثاني من القرن التاسع عشر بملامحه، مثلما نتعرف على حياة الفنانين وناس الطبقات العليا في باريس وفي الريف الفرنسي، بل نتعرف حتى على قائمة طويلة تضم أصناف الوجبات الغذائية التي كانت تُقدمها عائلة زولا لضيوفهم في ساعات المساء. وكما يبدو أن ميل الزوجين للأكل الشهي، سيجعلهما يعانيان سوية من مرض التخمة. أية شخصية قوية امتلكت الكسندرا زولا؟ تتساءل الباحثة في كتابها، فهي كما وجدت الباحثة، تركت بصماتها على كل شيء في حياة الكاتب، كما أن كل شيء بُني تحت إشرافها: الديكور الداخلي لشقتهما في باريس، البيت الريفي في "Médan ميدان"، وعلى التحف والأثاث القديم الفخم الذي إختارته هي شخصياً.أدموند دي غونكور، الناشر المشهور، وصديق العائلة الذي كان يراقب كل شيء بعينين متفحصتين، كان يرى أميل زولا مثل "شاب كبير، بطفولة ساذجة، مستعبد من قبل وضعه اليومي، مثل دجاجة تضع بيضها: في النهار يكتب مئات السطور، وفي المساء لا يعرف غير لعب الدومينو مع زوجته وزيارة بعض جيارنه من سكان الريف". يعرف أن زوجته، الكسندرا نجحت بصنع الدفء المنزلي له، الهدوء، وكل ما كان يحتاجه لإنجاز عمله الأدبي، لدرجة أنها كانت تصاحبه في رحلاته التي كان يقوم بها عادة للبحث عن الكتب التي كان بحاجة إليها. "أنها تؤمن به بدون قيد أو شرط، ولكنها رغم ذلك تقف أمامه مثل شريكة منافسة تدس أنفها في أعماله أيضاً. أنها مشاغبة لا غير"، يكتب عنها غونكور بسخرية، لكنه يقول أيضاً" بالتأكيد لن تكون الآلهة التي تلهم فنه، لكن بعضاً من ملامحها يمكن العثور عليه دائماً في شخوصه الروائية".لكن الصورة هذه التي تبدو هارمونية جداً لم تخلُ في الكثير من الأحيان من الانكسارات. فالكسندرا التي غيرت أسمها بعد الزواج، فعلت ذلك في الحقيقة لأنها أرادت أن تنسى ما حصل لها ذات يوم، بأنها في الماضي، عندما كانت شابة قامت بتسليم طفلتها بعد ولادتها مباشرة إلى دار الأيتام. (كانت أحد الـ 76500 طفلاً الذين سُلموا في العام 1859 لما كان يُطلق عليها "دائرة العناية العامة" في باريس، من قبل أمهاتهم، اللواتي كن غالباً خادمات، أجيرات، خياطات، أو عاملات في شؤون أخرى....ألخ)، لم تنجح بتحرير نفسها من عقدة الذنب تلك إلا بصعوبة، لأن طفلتها ماتت بعد تسليمها لها بثلاثة أسابيع، الأمر الذي جعلها تعاني سنوات طويلة من تعذيب الضمير. وحملت تلك الذكرى معها بعد زواجها، وظلت تُثقل عليها وعلى زواجها أيضاً، خاصة وأن أميل زولا عاش معها دون أن ينجبا طفلاً. "ولادة الأعمال بالنسبة له أكثر تفضيلاً من ولادة الأطفال"، كتب زولا ذات مرة وهو يصف شخصيته الرئيسية في التخطيط الأول لرواية "الورشة". الكسندرا كانت تعاني بشكل لا يوصف بسبب عدم قدرتها على الإنجاب، وربما كانت أمراضها الغامضة وحالات الضعف والإغماء، التي كانت تتعرض لها في أكثر من مناسبة، والتي عبثاً حاولت علاجها عن طريق فترات نقاهة طويلة نسبية في منتجعات إيطاليا على البحر، كانت وراء  ذلك. في سن الخامسة والأربعين، وفي قمة نجاحه، تعرض أميل زولا إلى أزمة وجودية كبيرة في حياته، وذلك ما نقرأه في الجملة التي تركها في دفتر يومياته: "بقدر تعلق الأمر بي: العمل والأدب، التهما حياتي تماماً. معاناة، أزمة، كم أنا بحاجة كبيرة لأن أكون محبوباً ولو لوقت قصير".هل كان ذلك هو السبب الذي  جعل أميل زولا يلجأ إلى اتخاذه عشيقة له؟ لا أحد يعرف ذلك، لكننا نعرف أن الأمر لن يظل خافياً زمناً طويلاً على زوجته. إذ ستعرف الكسندرا وبعد ثلاث سنوات من كتابته لتلك الجملة، بأن لدى زوجها عشيقة وطفلين صغيرين. وبدل أن تعترض وترمي به خارجاً، وافقت ألكسندرا على حياته المزدوجة، رغم أنها لن تسامحه أبداً، حتى عندما أحبت هذين الطفلين لاحقاً، وإهتمت بعنايتهما، ومنحتهما أسم الأب بعد وفاته. ربما كان تفوقها الأخلاقي عليه ذلك، هو سر قوتها تلك، وهو ما جعلها تك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram