خليل جليلبغض النظر عما يسفر عنه مشوار منتخب كوريا الشمالية في مونديال جنوب افريقيا ومهما تعددت اوجه الاحتمالات التي سيواجهها منتخب كوريا ، يبقى الدرس الذي قدمه امام فرسان وعمالقة (السامبا) واحدا من دروس الشجاعة التي قلّ نظيرها ،
وواحدة من المعطيات التي يفترض ان تكون مادة للمراجعة والتأمل بالنسبة لبقية المنتخبات التي سرعان ما يسيطر عليها الخوف والرعب وهي تتأهب لملاقاة البرازيل مصدر الخطر الاكبر الذي تهابه كل منتخبات العالم حتى الكبيرة وهي تحسب له الف حساب.لكن الحساب الذي وضعه منتخب كوريا الشمالية لمنافسه البرازيلي وخصوصا في انطلاق المونديال كان يختلف عن كل المعايير والمقاييس التي جعلت وكما توقعت ان يكون المنتخب الكوري الضحية الكبيرة التي ستئن تحت وطأة هزيمة مريرة مثلما توقعت الاوساط الكروية في العالم قبل ان تصطدم بالحقيقة الواضحة التي عكسها وجسدّها منتخب كوريا الشمالية على ارض الواقع وهو يقدم دروسا بليغة في الشجاعة ويبدي قدراً كبيرا من الاستعداد لمواجهة غير عادية مع خصم استثنائي زرع الرعب في النفوس اينما حلّ وذهب وواجه ، فالجميع يريد ان يخرج من امام المارد البرازيلي باقل الخسائر وأوطأ الهزائم.ان المستوى الفني اللافت الذي قدمه منتخب كوريا الشمالية احد المنتخبات الاربعة في مجموعتنا الآسيوية في نهائيات القارة مطلع العام المقبل في قطر، لا يمكن ان يفسر إلا في اطار التطور السريع الذي يشهده المنتخب الكوري الشمالي ويعكس ايضا حجم العمل الجبار الذي يتطلع به الاتحاد الكوري الشمالي ، وكما يبدو انه مستفيد من ستراتيجية طويلة المدى لمشوار الكرة الكورية ، وكيفية جعلها في مصاف المنتخبات الآسيوية المتقدمة ، بل في مقدمة هذا الصف من المنتخبات والاتحادات الكروية التي تعرف ما تريد ان تعمله وتخططه حتى قدم منتخبا قويا متماسكا ثابتا.صحيح ان المنتخب الكوري الشمالي خسر مواجهته امام البرازيل في مستهل مشواره لكن هذه الخسارة ليست تلك الخسارة التي تدل على هزالة وضعف المنتخبات المهزومة ، بل كانت خسارة لافتة للأنظار لا تحمل معاني ودلائل الهزائم التقليدية بقدر ما افصحت تلك النتيجة عن منتخب قادر على ان يغير كل الموازين في اية لحظة .واعتقد بان كل من شاهد المواجهة المثيرة بين كوريا الشمالية والبرازيل ، لو كتب لتلك المواجهة ان تستمر قليلا من الوقت لكان من الممكن ان يكون للكوريين كلام آخر ، فبرغم الخسارة تلك كان المنتخب البرازيلي يعيش تحت صدمة غير متوقعة وهو يواجه مقارعة قلما يواجهها امام خصوم سرعان ما يستسلمون الى مسلسل الانهيار امام اعتى اسماء المنتخب البرازيلي الذي عانى كثيرا امام المدرسة الكورية الشمالية وهي تدق ناقوس الخطر ليس في سماء الكرة الآسيوية ، بل في فلك الكرة العالمية وهي تقدم منتخبا له ملامح جديدة ومعالم تفرض نفسها بعد الان.
وجهة نظر: درس في الشجاعة
نشر في: 18 يونيو, 2010: 04:56 م