عبدالله السكوتيوقبل الطرطره هناك سالفة عن عروك شفي، والعروك عجين من الحنطة يخلط بقليل من اللحم المفروم، وشفي اسم رجل من اهل الكرخ في بغداد، كان يضع العروك في صينية يحملها على رأسه ويدور في المحلات لبيعها، فاذا سأله شخص عن سعر القطعة الواحدة مع الصمونة، قال شفي: بعشر فلوس، فيجيبه الشخص: (لا باربع فلوس)،
فيقول شفي: علي بخمس فلوس فكيف ابيعها باربعة؟ فاذا اصر الشخص على الاربع فلوس يغضب شفي فيقوم باخراج ثمنها من جيبه اي عشر فلوس ويضعها في الصينية ويأكل القطعة فيضحك الحاضرون ويستمر شفي بهذا العمل حتى يأتي على الصينية باجمعها ويعود الى البيت وقد اكل العروك جميعها دون ان يبيع منها شيئا.ونحن في العراق مثل سالفة شفي نبدأ بتصدير النفط ثم نضع مايأتينا منه واموال اخرى من الجبايات وغيرها في مصطلح نسميه الموازنة وليته كان كذلك اذلاموازنة فيه ولاميزانية ولا حتى (بلنص)، ومن بعدها تتوزع الاموال لتنزل في جيوب دون جيوب اخرى، لينتهي العام ويأتي الذي بعده ونحن ننتظر سعر برميل النفط الخام الذي نبيعه خاما لنستورد محله بنزين، ويقولون ان 60 بالمئة من البنزين المستهلك في بلادنا العريقة هو مستورد، وامواله تدفع للدول المجاورة، يعني شفي يمكن يكون احسن منا حالا اذانه يأكل ماينتج ونحن لاننتج مانأكل، ومع هذا فقد ترى احدهم يبشرك في الشارع ويقول ان النفط الخام ارتفع سعره وستأتي زيادة الرواتب على اجنحة العصافير، وهكذا نبقى في هذه الدوامة التي يراد لنا السير بها الى ماشاء الله، هذا الخام المحترم يضم مشتقات كثيرة يمثل غالبيتها النفط الاسود، والنفط الاسود لدينا يحول الى وقود للمولدات ولافران الصمون وتبليط الشوارع اما في بلدان اخرى فيعاد تكريره لاستخراج مكونات جديدة منه تدخل في اعمال مختلفة، ويبقى النفط هو ورقتنا الرابحة وجل مانخشاه ان يكتشف العالم وقودا آخر (وننضرب بوري) وبعدها من اين سنمول موازناتنا الاتحادية، ولكننا لن نقف مكتوفي الايدي عندها، اذ سنبدأ برثاء نفطنا العزيز كما يفعل بعض الشعراء في رثاء الوطن، من خارجه وداخله ويتباكون على انهاره العذبة وتمره ولبنه، وهم بعيدون عنه وقريبون منه، ومنهم من يبكي على شاشات الفضائيات ليؤكد وطنيته وحبه الفائض، ومع هذا يبقى الشعب حائرا ماذا يفعل، اعرف احدهم كان من الحفاة حتى بعد 2003 بقليل لكنه انتمى الى احدى الجهات، وهو ابان حرب 2003 اوصاني على بيته وقال:(عندي واجب) هذا الاخ كان مهووسا من انه رجل من رجال امن صدام فقد كان يقلدهم في كل شيء، وكنت اسميه (ابو نعال اللاستيك)، وكنت شاهد عيان حين سرق المخازن القريبة من البلديات (معمل السمنت) اطارات سيارات كبيرة ووضعها امام داره ليبيعها، ارتفعت اموره وتزوج ثانية وقد كتب احدهم في حينها:(المايلوح العنب خل ياكل...الصان حلكه كبل هسّه ايحضرهواردف:(جنت حاضر يوم باع التايرات/ اتزوج اثنين وغده بجنه يباتتورط وعامل على نهر الفرات/ يريد يشري النهر هذا الطرطره)المايلوح العنب خل ياكل....)رآني يوما وقال لي لقد عرضوا عليّ رتبة عقيد في الداخلية فرفضت، عندها علمت ان العراق ليس بخير وان الايام الاتية ستكون اصعب وقعا واكثر تأثيرا على الشعب الطيب حين تكون مقاليد الامور بيد البعض من الاشرار والسراق.رجعت بعدها لاخبر اهلي ان (ابوفلان) سيصبح مسؤولا في الدولة، بكى ابني الكبير لانه هدده عدة مرات بسبب البنطلونات التي كان يرتديها مع صديقه جيراننا المسيحي، وقال لي: بابا صدك مثل ماتكول (صارت طرطره).
هواء فـي شبك: (صارت طرطره)
نشر في: 18 يونيو, 2010: 07:20 م