TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > عندما كان الشعراء الروس يهزّون الملاعب

عندما كان الشعراء الروس يهزّون الملاعب

نشر في: 19 يونيو, 2010: 04:32 م

ترجمة/ ابتسام عبد الله بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، بدأ الشعر الروسي يقترب في مضمونه من الشعر الاميركي: كلاهما آسر وحزين. ما هو آسر، يكمن في تميزه بالموهبة التي تختلف من شاعر الى اخر، بالنسبة للشعراء الشباب في روسيا.
وما هو حزين يخص القراءات القليلة له، عدم انتشاره وقلة اهميته في الوقت الحاضر، اذ ان مدى الانتشار الذي يحققه الشعر المعاصر في المجتمع الروسي فيكاد يكون "لاشيء" فقد اختفى الشعر هناك كما يختفي دخان من غابة. وفي الاسبوع الماضي ، صدر في اميركا كتاب بعنوان، "عندما هزّ الشعراء الروس الملاعب"..بقلم دوايت غارنر ، يتحدث عن شعراء الحقبة التي انتهت في روسيا. كان لوفاة الشاعر الروسي الكبير أندريه فوزنيسنسكي مؤخراً صدى في الاوساط الادبية، لقد اعتبر، الشاعر المحرض في الحقبة الستالينية، طوال الخمسينيات واوائل الستينيات من القرن الماضي، ورحيله مؤخراً دفع الكثيرين الى استعادة زمن كان النجاح فيه ممكناً وفي تناول اليد.. وجيل فوزنيسنسكي من الشعراء، ومن بينهم ييفجني ييفتوشينكو وبيللا اخمادولينا قرأوا قصائدهم في الملاعب الرياضية، لتستمع اليهم الجماهير المحتشدة، وتضج بالتصفيق لهم. اجل ان اللحظة تقدم نفسها، والامر له صلة بالحرية الفنية التي أتاحتها حقبة خروشوف الاولى التي اهتممت وقدرت اهمية كل ما له علاقة بالفنون.. أو كما عبر عن ذلك فوزنيسنسكي وهو يلوي شفتيه استهزاء، لقد بصق الزمن علي، وانا اعيد البصقة عليه. لقد كان شعراء تلك المرحلة ، شخصيات مؤيدة لمذهب الحرية، وهم في اغلب الاحيان يشبهون عددا من مغنين الروك، او كتاب اغانيهم في اختيار الكلمات وصياغتها ومنهم على سبيل المثال: بوب ديلان، جوني ميتشل وليوناركوهين ، كانوا كثيري الصخب وساخرين في بعض الاحيان.. يهتمون بالسياسة والجنس، ويتشاجرون فيما بينهم.. اما ييفتوشينكو فقد سطح بين الشعراء عندما تساءل: لماذا يقف ابناء الزنا من الجناح اليميني متراصفين كتفاً الى كتف، متضامنين مع بعضهم البعض، بينما يتشاجر الليبراليون فيما بينهم! ان الاهتمام الذي قوبلت به وفاة فوزنيسنسكي، هو ذكرى او صدى لنشوة تلك الايام التي مضت، ولكن الى أي حد وصلت  اهمية الشعر الروسي في القرون الثلاثة. من الكسندر بوشكين الى آنا اخماتوفا من وعي البلاد نفسه، ان روسيا بلد شاسع ومحير.. وقد ساعد الشعر انذاك.. وتلك الكلمات الحادة الموجهة في توحيده ولم اطرافه. ويعتبر بوشكين (1799 -1837).. المؤسس المتمرد للادب الروسي الحديث وشاعر البلاد الاول. انه بالنسبة اليهم: شكسبير ، وكل الطرق الملوثة تعود اليه.. كان بوشكين يمتلك صوتاً مصقولاً.. ومع ذلك يجد فيه المرء بعض سمات العامية الروسية، وكان التعلق به والالتفاف حوله يتواصل بسبب ذلك ونصف ايليف باتومان في كتابها الجميل الاخير المأخوذ: مغامرات مع الكتب الروسية والناس الذين يقرأونها ..تصف كلية وجود بوشكين في الادب والثقافة الروسية. ومن اجل شرح وجهة نظرها، تستشهد باتومان بمقطع من مسرحية، بوشكين وغوغول للكاتب الروسي دانييل خارمس، وفي مشهد منها ، يظل بوشكين وغوغول يتعثر احدهما بالاخر. غوغول وهو يقوم هذه خديعة متواصلة (يسير ثانية ويتعثر ببوشكين ثم يسقط ارضا) وتقول المؤلفة ان هذا هو الواقع بوشكين في كل مكان). وبوشكين ما يزال يدرس بشكل واسع في مدارس الاطفال كافة بروسيا، ومن مزايا شعره ، شكه واستنباهه بالقوة والفساد، الامر الذي يمنح شجاعة لكتاب جاؤا من بعده. ومن افضل الامور المتعلقة بفوزنيسنسكي وجيله خلال اعوام الخمسينيات والستينيات، تبجيلهم للشعراء الذين جاءوا قبلهم ومعرفتهم العميقة بما تعرضوا اليه من قمع، او سجن او احكام اعدام بعد الثرة الروسية عام 1917. ومن اولئك الشعراء الكبار: اخاتوفا وماريا تسفيتيفا اللتين طبعت اعمالهما بعد عقودة عدة. وقد هوجم شعر اخماتوفا من قبل السلطات الروسية لنزعتها البرجوازية واستغراقها في الله والحب. وعاشت اخماتوفا لترى زوجها الاول، شاعراً ايضا، يطلق عليه النار من دون محاكمة بسبب تهمة مزيفة، كما امضى ابنها سنوات طوالا في معسكرات العمل.. وقصيدتها ترتيلة لراحة الموتى، التي كتبت في المرحلة الستالينية ، ولم تطبع باكملها في روسيا حتى عام 1987، ومنها هذه الاسطر التي ترجمت الى الانكليزية. من اجلك ،التمست سبعة عشر شهرا ان تعود الى البيت طرحت نفسي امام الجلاد اواه يا بني.. كم كان فزعي والان لا افهم الفوضى الابدية من هو الوحش، ومن هو الرجلوكم يطول الزمن حتى الاعدام اما الشعراء الاخرون في تلك المرحلة فكانوا حتى اقل خطأ منها. فقد اصيب سيرجي بينسبين بانهيار عصبي وشنق نفسه عام 1925 وهو في سن الثلاثين وكتاب جيم هاريسون، رسائل الى ييسنين الذي صدر عام 1973، هو تحية تقدير كئيبة له. rnباسترناك وفوزنيسنسكي وقد تميز من بين الشعراء الروس فوزنيسنكي بعلاقاته مع عددا من كبار الشعراء الروس ومن بينهم بوريس باسترناك ، الذي شجعه على الكتابة عندما كان في الرابعة عشر من عمره. لقد قرأ باسترناك شعر الشاب الصغير وكتب اليه: "ان دخولك عالم الادب سيكون سريعاً وعنيفاً، انا سعيد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram