علي حسين اعادتني قراءة لكتاب الفيلسوف هربرت ماركوز (الانسان ذو البعد الواحد) الى تلك السنوات التي كان فيها هذا الكتاب بمثابة الانجيل بالنسبة للشباب الاوربي في ستينيات القرن الماضي، التمرد والمطالبة بالتغير كان شعار الطلبه الفرنسيين الذين قادوا انتفاضه عام 1968، انتفاضه حالمه رفعت شعار، رفض القمع، رفض الاحتواء.
ماركوز وضع اصبعه على الجرح الذي تعاني منه اوربا الطامحة الى النمو، هذا النمو الذي تبجح به الايديولوجيون منظرو هيمنة راس المال، هذا النمو انتج (إنساناً ذا بعد واحد) حيث استبدلت دكتاتورية الفاشيين والنازيين بدكتاتورية ناعمة تسعى الى استغلال الانسان وتحوله الى ترس في ماكنة الراسمالية او كما يقول ماركوز: (تم تحويل الحياة الى بقاء عامر بالازمنة الميتة).جسد كتاب (الانسان ذو البعد الواحد)فهم ماركوز العميق لاخلاق الرفض من خلال تشهيره بما سماها (التكنوقراطية الجديدة) والتي تعمل على تضخيم الشعور بالاستلاب عبر تعمد خلق حاجات وهمية مصطنعة، ولمجابهة هذه الدكتاتورية دعا الى الالتزام الدائم بما اسماه (الوضعيات الثورية)التي يقصد بها الاستعداد المستمر للانقلاب على الوضعيات الاجتماعية. كتاب غذى افكار جميع الغاضبين في اوربا فرفعوا شعارات منددة بسيطرة المؤسسة السياسية والاجتماعية التي تقف حائلا امام حريتهم الشخصية، شعارات قال عنها سارتر: (يتدفق منها شيء مدهش، مزعزع يدين كل ماادى الى وصول مجتمعنا الى ما وصل اليه من رداءة).ومن بين تلك الشعارات. * يجب ان يكون انعتاق الانسان شاملا او لا يكون. * كونوا واقعيين، اطلبوا المستحيل.*الحق في الحياة يؤخذ ولا يشحذ.*يجب ان نعيش بلا وقت ضائع. * لاجدوى من الترميم عندما تكون البنية مهترئة.* الى الامام يمكن ان نهزم، لكن لانخضع ابدا. بعد اثنين واربعين عاما تذكرنا انتفاضة الطلبة في باريس بان الحلم ممكن وضروري، وتنبهنا الى ضرورة محاسبة مجتمعاتنا وعقولنا.
العمود الثامن..في عشق الحرية
نشر في: 19 يونيو, 2010: 04:52 م