حازم مبيضين مؤسف أن ينقسم مجلس النواب اللبناني على نفسه طائفياً، عند مناقشته اقتراحا بخصوص منح الفلسطينيين حقوقهم في لبنان، فقد نشب سجال بين الكتل المسيحية المعارضة له وبين الكتل الاسلامية المؤيدة، ما استوجب تدخل رئيسي مجلس النواب والحكومة في محاولة لاطفاء فتيل الاصطفاف الطائفي بإحالة الاقتراح إلى لجنة فرعية لمناقشته وإعادته إلى المجلس النيابي.
وكان التناغم واضحاً بين أعداء الأمس فقد تطابقت أفكار القوات اللبنانية مع الكتائب، وانضم اليهما تكتل الجنرال عون، واندفع كل هؤلاء لمهاجمة وليد جنبلاط باعتباره صاحب الاقتراح الذي رد بقسوة واصفاً اليمين اللبناني بالغباء، على الرغم من توقعه رد فعل من هذا النوع ولكن ليس بهذا الحجم وهذا الاصطفاف. جنبلاط اعتبر من جانبه أن تحويل اقتراحه إلى اللجان قتل له، وطالب بأن يكون هناك قرار سياسي وإلا فإن الوضع سينفجر، وأشار إلى أن ماحصل أكد كذب مقولة أن لبنان أكبر مؤيد للحق الفلسطيني، وأيده في ذلك النواب المسلمون الذين أكدوا عدم جواز أن تكون إسرائيل أفضل من لبنان من ناحية إعطائها الحقوق للفلسطينيين، أما النواب المعترضون فانهم غلفوا رفضهم بالاقرار بضرورة إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، لكنهم مع ذلك اخترعوا الكثير من مبررات الرفض، فطالبوا بعدم الاستعجال ( بعد أكثر من ستين عاماً )، وطالبوا بان تقدم الحكومة مشروع قانون بهذا الصدد، وكأنه ليس من حق نائب في البرلمان التقدم بمشروع قانون.معروف أن إشكالية عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مستمرة منذ هجرتهم، رغم الجدل الذي تشهده دائماً وتداخل ذلك مع تعقيدات الوضع السياسي ، ما حال حتى اليوم دون التوصل لحلول ثابتة ودائمة، وتشير الإحصاءات إلى أنه من أصل أربعمائة ألف فلسطيني في لبنان يبلغ ٦٠% منهم سن العمل، فإن مشاركتهم الفعلية بالعمل لم تتعد ٣٧% ، وأن سبعين مهنة تمنع عليهم منها الطب والهندسة والحقوق، بينما يقومون بالعمل بأجور زهيدة جدا وبسوق عمل غير مرخص له مع ما يتبع ذلك من تبعات، ويعني ذلك عملياً أن مقولة عدم التوطين هي العنوان الحقيقي لعملية استغلال اقتصادي كثير البشاعة، رغم الاعتراف الرسمي بعدم قدرة السوق اللبنانية على الاستغناء عن اليد العاملة الفلسطينية في قطاعي البناء والزراعة. والاعتراف أيضاً أن استقرار الفلسطيني في تصنيف المهن بقرار من الوزير المختص، يعرضه لهدر حقوقه لأنه يخضع لقرار وزاري غير ثابت، رغم صعوبة الحصول على إجازة العمل، ووجود شرط المعاملة بالمثل بين رعايا الدول في القانون اللبناني الأمر الذي لا يتوافر للفلسطيني الذي لا دولة له حتى اليوم، ولا ذنب له في ذلك. الانقسام الطائفي حيال حقوق اللاجئين في لبنان هو استثمار في مشروع إرهابي في المستقبل، لان عدم السماح للفلسطينيين بالعمل والتملك والاستفادة من الضمان الصحي والاجتماعي، يشكل صدمة لهم خصوصاً من موقف النواب المسيحيين، وتعدم كل أجواء التفاؤل التي سادت خلال العام الماضي من إمكانية تحسين أوضاعهم، والأخطر من كل ذلك أن يتبلور على هامش اقتراح تحسين أوضاعهم هذا الانقسام الطائفي المذهبي الذي قد ينذر بالعودة بوطن الأرز إلى مربع العنف المبني على عدم الانسجام الوطني.
خارج الحدود .. حقوق الفلسطينيين تقسم اللبنانيين
نشر في: 19 يونيو, 2010: 06:10 م