بغداد/ المدى الحكومة العراقية الجديدة، في حال ولدت قبل موعد الانسحاب الامريكي، ستكون في مواجهة ملف يضاف الى لائحة المهام والاستحقاقات القادمة؛ اذ عليها التعامل مع"جيش"أمريكي جديد قوامه الرئيس من الشركات الامنية.
وبحسب معلومات نشرتها وسائل الاعلام الامريكية على مدى اليومين الماضيين فان وزارة الخارجية طلبت من البنتاغون تشكيل"جيش مصغر"في العراق لحماية الدبلوماسيين الأمريكيين عقب انسحاب القوات الأمريكية. ووصل الأمر بالمقترح إلى درجة ان الامريكيين يعدون حاليا قائمة طلبات تتضمن الأسلحة الثقيلة والطائرات التي يجب أن يمتلكها هذا الجيش. الخارجية الأمريكية طلبت تجهيز قوة الحماية الخاصة بها بمروحيات بلاك هوك (24 طائرة)، ومركبات مضادة للقنابل (50 مركبة)، ومعدات ثقيلة اخرى (ناقلات، وصهاريج نقل وقود ضخمة، وانظمة مراقبة عالية التقنية). هذا التوجه الامريكي الجديد قد يعني ان الادارة الامريكية لا تعول كثيرا على أجهزة الأمن العراقية. بيد ان الاعتماد الامريكي على تلك الشركات يشير، بشكل او بآخر، الى ان دورها في حماية الدبلوماسيين يشكل تحديا لتعهدات الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي يرفض التعامل معها. ومن جهة ثانية فان الامر يعد، ايضا، تحدياً آخر للحكومة العراقية المقبلة على اساس ان تلك الشركات لم تترك اثرا طيبا في البلاد، خصوصا بعد حادثة ساحة النسور ببغداد. ويبدو ان الامريكيين، وبناء على ما توضحه طلبات الخارجية الامريكية، مصممة على الانسحاب في الموعد المقرر. وكان الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الاميركية في العراق وافغانستان دافع الاسبوع الماضي في مجلس الشيوخ في واشنطن عن الخطة، على الرغم مما تصفه صحيفة الواشنطن بوست بـ"لانتكاسات التي مني بها الجنود ميدانيا". بيد ان الموقف الامريكي لا يبدو موحدا ازاء مسألة الشركات الامنية، اذا ان هناك أعضاء في مجلس الشيوخ مازالوا ينظرون الى ازمة بلاك ووتر على انها"انتقصت"من احترام البيت الابيض لحقوق الانسان والالتزام بمعايير النزاهة في التجنيد والتكليف بالمهام القتالية. السيناتورة كلير ماكاسكل قالت في رسالة لها وجهتها إلى باترك كينيدي، وكيل وزارة الخارجية لشؤون الادارة، إنها تريد أن تعرف ما إذا كان القطاع الخاص سيؤدي عملا"اكثر من الصيانة". وسألت وكيل الوزير عما إذا سيتولى المتعاقدون السيطرة على الطائرات والمركبات. وسألت ايضا عن التدابير التي ستتخذها الخارجية لضمان عدم اساءة المتعاقدين استعمال المعدات. وترأس ماكاكسل اللجنة الفرعية للاشراف على العقود في مجلس الشيوخ. وكانت من اشد المنتقدين لاعتماد الحكومة الفيدرالية على شركات من قبيل بلاكووتر العالمية وشركة كي بي ار، لتوفير الدعم في مناطق الحرب. يشار الى ان الطلب ازداد على خدمات هذه الشركات رغم المحاذير العديدة على نشاطها وخصوصاً تلك المتعلقة بغياب تشريع أو قانون يلزم منتسبيها أو غياب قواعد تحدد شروط تعيين أفراد هذه الشركات؛ فقد اتخذت في العراق تطورا أكثر حدة يفوق المهام الموكولة إليها في العادة، حيث أصبحت تزاول مهام أمنية كانت إلى وقت قريب تقع في مهام القوات المسلحة النظامية للولايات المتحدة، وذلك تبعاً لازدياد المهام من جهة وإلى الخسارة البشرية والمالية نتيجة الأعمال الحربية من جهة أخرى. جدير بالذكر ان البرلمان الجديد تنتظره المصادقة على قانونين مهمين في هذا الصدد الاول هو مشروع قانون (سريان القانون العراقي على الشركات الأمنية الخاصة) و(قانون الشركات الأمنية). وتختلف التقديرات في ما يتعلق بعدد رجال الامن التابعين لشركات خاصة في العراق. وقدر عددهم في عام 2006 بنحو عشرين ألف رجل، لكن يعتقد أن هذا العدد تقلص بصورة حادة خلال السنوات الماضية. وبحسب تقارير صحفية فان غالبية اعضاء اجهزة الامن التي تتولاها شركات خاصة من قدامى القوات الخاصة لجيوش اجنبية، في الثلاثينيات او الاربعينيات من العمر، ولديهم خبرات قتالية راكموها خلال نزاعات عدة جرت حول العالم. والكثيرون من الاجانب الذين يقومون بمهام امنية لصالح شركات خاصة يفعلون ذلك للاغراء المالي الكبير الذي يمثله هذا العمل في العراق، فأجر رجل الامن الخاص قد يصل يوميا الى حدود الالف دولار امريكي، بحسب تقرير لهيئة الاذاعة البريطانية. اما العمل الذي يؤديه هؤلاء العاملون في مجال الامن الخاص فيتراوح بين كونهم مرافقين لشخصيات او تأمين سلامة مواكب سيارة او السهر على امن مبان تعتبر معرضة لاخطار كبيرة. وكان بعض العاملين لدى الشركات الخاصة قد تذمروا مؤخرا من انهم يقومون بعمل شبيه بعمل الجيش ولكن بمعدات اقل وبتدريبات اقل من التي تعطى للجنود. وعادة ما تطلب هذه الشركات تقارير عن الحالة الامنية في العراق لمعرفة ما اذا كان الوضع يسمح بعمل المستثمرين والموظفين الاجانب في العراق. وفي حالة الطلب الأمريكي الجديد فان مراقبين ومحللين سياسيين يرون ان على الحكومة العراقية الجديدة التعامل مع الجيش الأمريكي المصغر على أساس يحترم السيادة ويحول دون وقوع حوادث كالتي ارتكبتها شركة بلاك ووتر، كما يتعين على البرلمان إصد
على وقع حادثة بلاك ووتر ببغداد..حكومة 2010 تواجه جيشاً من الشركات الأمنية الأميركية
نشر في: 19 يونيو, 2010: 07:45 م