علي ناصر الكناني قبل اكثر من اربعين عاماً وبالتحديد في عام 1970، رحل عنا اثر مرض عضال ألمّ به رائد من عمالقة الشعر الشعبي والغناء الريفي الاصيل وقراءة القصائد الحسينية.. المرحوم عبد الامير الطويرجاوي الذي عرف بامتلاكه موهبة قوة الاداء الصوتي في ترديد (الموالات والابوذيات)
ذات الاطوار الغنائية الصعبة التي تقترب كثيراً من المقام (كالعياش والصبا والحجاز) مما أهلهَ في ان يحتل مكان الصدارة بين العديد من اقرانه من مطربي تلك الفترة إبان العشرينيات من القرن الماضي، ولينال فيما بعد عن جدارة واستحقاق لقب (أمير الغناء الريفي).. واليوم ونحن نستذكر جانباً من سيرة هذا الفنان وما تركه من إرث وعطاء فني زاخر في مجال الشعر والغناء، آثرنا ان نلتقي نجله المصور الفوتوغرافي عبد الحسين الطويرجاوي ليحدثنا عن بعض الجوانب المشرقة من حياة والده ومسيرته الفنية الطويلة في مجال الشعر والغناء فقال: ولد والدي عبد الامير كاظم حمادي المعروف بالطويرجاوي عام (1885) في مدينة طويريج (الهندية) التي تقع بين محافظتي كربلاء والحلة. وقد نشأ وترعرع منذ صباه في مجالس الادب والمعرفة التي كان يحضرها عدد من الشعراء البارزين منهم: الشاعر رضا الخطيب والشاعر الشيخ علي البازي وتتلمذ على ايديهم وخلال تلك الفترة كان يتولى مهمة الاذان في احد المساجد. الموجودة في المدينة فكانوا يسمونه بصاحب الصوت المجلجل (الحاد والعذب)!. ويضيف: وفي عام 1915 بدأ الغناء في بيوت (آل القزوين) في الهندية وبدأت شهرته تنتشر وذاع صيته بين الناس مما دفع شركات الاسطوانات الى استغلال موهبته الغنائية المتفردة وامكانيته العالية في ابتكار الاطوار بتسجيل اغنياته وقصائده الشعرية على الاسطوانات كان ذلك في عام 1921 مقابل مئة روبية للاسطوانة الواحدة ومن بين تلك الشركات (كما يقول ولده عبد الحسين): شركة (بيضافون وبيلفون وايدبو وشركة سوده الوطنية وهرمز الالمانية) ومن جملة ما غنّى انذاك (وِنْ ياكلب) و(تدري إشعمل فركاك) وغيرهما الكثير من الاغنيات التي كانت من كلماته والحانه، التي أدّاها من بعده العديد من المطربين الذين من بينهم الهام المدفعي. الطويرجاوي يغني في مقاهي بغدادومما يذكر ان الفنان عبد الامير الطويرجاوي كان قد التقى بعد رحيله الى بغداد بكبار المغنين المعروفين انذاك وممن ذاع وانتشر صيتهم امثال الملا عثمان الموصلي ونجم الشيخلي واحمد زيدان ورشيد القندرچي واخرين غيرهم وفي تلك المقاهي القديمة بدأ الطويرجاوي يصدح بصوته عبر حنجرته القوية بأطوار غنائية تميز واختص بها. ومن هذه المقاهي مقهى (المميز) التي كانت تقع في منطقة ساحة الشهداء حالياً ومقهى (البولبخية) في سوق الهرج ومقهى (الفضل) لمجيد كركر ومقهى (فضوة عرب) ومقهى (العوينة) ومقهى المطرب الراحل ناصر حكيم في منطقة علاوي الحلة. كما انه كان قد ادى بعض اغنياته في مقهى (التجار) بمحافظة البصرة. الطويرجاوي والملك غازيومن طريف ما يذكر عن الفنان الراحل انه كان يختلي مع نفسه ليلاً بعد ان يتخذ مكاناً له على شاطئ نهر دجلة القريب من منطقة سكناه وبعد ان يخلد الناس الى النوم يطلق العنان لصوته الشجي بموالاته وابوذياته مما دفع احدى العوائل المعروفة لتقديم شكوى ضده عن طريق احد معارفهم في البلاط الملكي. فلما سمع بذلك الملك غازي أمر باحضار الطويرجاوي لمعرفة حقيقة الأمر ولكن بعد ان استمع الملك لصوته اعجب به واطلق عليه لقب (أمير الغناء الريفي) قائلاً له: كنا نتصور انك لاتملك صوتاً بهذه العذوبة والاحساس المرهف..!! وفي عام 1936 تم افتتاح دار الاذاعة العراقية فكان الطويرجاوي من اوائل المبادرين في اداء الاغاني الوطنية والريفية حين كان البث فيها حياً وبصورة مباشرة لعدم وجود اجهزة للتسجيل في ذلك الوقت. rnالطويرجاوي وفدعةشاعرة ثورة العشرينويروي لنا ولده عبد الحسين ايضاً موقفاً آخر مرّ بوالده حين التقته تلك المرأة العراقية التي شهدت لمواقفها الوطنية المشرفة تلك الاحداث المهمة التي جرت خلال ثورة العراق الكبرى عام 1920 وهي شاعرة عرفت ايضاً بقوة صوتها حيث يضيف قائلاً:لقد قالت لوالدي هذه الشاعرة الكبيرة لنرى أينا اطول نفساً أنا ام انت فدعنا نتسابق انا أزغرد (اي أطلق هلهولة) وانت تقرأ الابوذية بنفس واحد دون توقف. فان غلبتني فسأمنحك هذه الاسارو الذهبية وهذا البيت الذي امتلكه. كان ذلك امام جمع من أهلها وعشيرتها. وبعد ان بدأ الاثنان بالأداء، كان الفوز من نصيب والدي ولكنه اعتذر عن تسلم الجائزة..! الطويرجاوي ينجو من حكم بالاعداممن المواقف الخطيرة التي مرّت بفناننا الراحل وكادت تودي بحياته، هي انه التقى به عام 1941 عدد من الضباط الأحرار المشاركين في ثورة مايس الوطنية وطلبوا منه ان ينظم الاشعار الحماسية والوطنية ويغنيها بصوته ليؤجج حماس الجماهير ويلهب مشاعرهم الوطنية ضد الاستعمار البريطاني. ولكن بعد فشل الثورة حكم عليه غيابياً بالاعدام. فلجأ الى مدينته طويريج ليتوارى فيها عن الانظار ولكن بعد توسط احدى الشخصيات المعروفة آنذاك. تم اعفاؤه من هذه العقوبة. مما دفعه فيما بعد إلى الاتجاه الى قراءة المواليد والقصائد الحسينية في المناسبات الدينية..وهنا سألت ولده عبد الحسين
الملك غـازي تـوّج (الطويرجاوي) أميراً للغناء الريفـي
نشر في: 20 يونيو, 2010: 04:30 م