TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > الخدمات الصحية في العراق.. منذ العهد العثماني حتى عام 1941

الخدمات الصحية في العراق.. منذ العهد العثماني حتى عام 1941

نشر في: 20 يونيو, 2010: 04:31 م

الحالة الصحية في العراق1869-1914ترجع البدايات الأولى لاهتمام الدولة العثمانية بالخدمات الصحية إلى سنة 1256هـ/1840م ، عندما صدر في هذه السنة نظام الكرنتينة  (الحجر الصحي)   ، الذي نص على تأسيس دوائر الحجر الصحي في الولايات العثمانية ، علاوة على إنشاء عدد من المحاجر الصحية عند المنافذ الحدودية ومدن العتبات المقدسة.
وفي سنة 1288هـ/1871م صدر (نظام الإدارة الصحية العمومية)، وهو أول نظام يتعلق بالصحة العامة ، حيث ألزمت المادة الأولى منه بلديات الولايات العثمانية بتعيين طبيب ومعاون له في حين حددت المادة الخامسة واجبات هذا الملاك الطبي بمعاينة مرضى البلدة مجاناً، على أن تتكفل البلدية بدفع رواتبهم من ميزانيتها .واولى هذا النظام جانبا من اهتمامه لنظام الكرنتينة (الحجر الصحي) ، فعلى سبيل المثال ألزمت المادة السابعة منه مأموري دوائر الكرنتينة بوجوب إبلاغ الجهات الرسمية في حالة ظهور وباء ما .وقبل التطرق إلى جهود السلطات العثمانية في إقامة المؤسسات الصحية في الولايات العراقية ، لابد من إعطاء لمحة سريعة عن الواقع الصحي المتردي  الذي عاشته الولايات العراقية ، حيث أدت  البيئة دوراً كبيراً في التأثير في المستوى الصحي فكلما كانت المدينة نظيفة قل انتشار الأمراض ، لكن الحقيقة شيء والواقع الفعلي شيء آخر ، إذ إتسمت الغالبية العظمى من المدن العراقية بقلة نظافتها ، ناهيك عن كثرة البرك  والمستنقعات التي لم تبذل السلطات العثمانية أية جهود  ملموسة في ردمها.علاوة على إفتقار المدينة العراقية  إلى نظام لإسالة المياه ، إذ كانت مياه الشرب تنقل على ظهور الحيوانات من الأنهار ومصادر المياه القريبة ، ومن الآبار الملوثة  داخل البيوت .كما كان لافتقار الولايات العراقية لنظام تصريف المياه اثر كبير في انتشار الجراثيم والامراض الزهرية ، إذ ان تخزين المياه القذرة مدة طويلة ، وعدم اهتمام الاهالي بتنظيفها بصورة مستمرة مرة كل شهر في الاقل ، أو استخدام المواد المطهرة سببت الروائح الكريهة التي افسد هواء الدور ، وفي بعض الاحيان تتسرب إلى مياه النهر مختلطة مع مياه الشرب ، ناقلة جميع الامراض السارية ، ولم يقتصر الامر على البيوت  فقط بل تعداها إلى الاماكن العامة كالخانات والحمامات ، فضلاً عن المدابغ  المنتشرة قرب الانهار حيث كانت ترمي فضلاتها فيها فكانت سبباً اضافياً في انتشار الكثير من الامراض ، ومنها التهاب المعدة والامعاء  والديزانتري وغيرها من الامراض ، كما شكل وجود الحيوانات الداجنة وما شاكلها في البيوت سببا اضافيا لانتشار كثير من الجراثيم والمكروبات  التي تسبب الامراض . ومما زاد في انتشار الامراض كثرة المقاهي والمطاعم القذرة والمفتقدة إلى ابسط الشروط الصحية .وقلما وجدنا من الولاة من يهتم بنظافة المدن والاطعمة والمأكولات وتعد مبادرة والي بغداد احمد توفيق باشا سنة 1277هـ/1860م احدى المبادرات الفريدة من نوعها ، عندما أمر  القصابين واصحاب المأكولات بوضع ستر من الخام على موادهم للمحافظة عليها من الغبار والذباب .ومن العوامل الاخرى التي  أسهمت في تدهور الحالة الصحية  تدني المستوى التعليمي ، وانعدام الوعي الصحي لدى الغالبية العظمى من السكان ، واذا كان ثمة من يراجع الطبيب فان ذلك لا يكون قبل استفحال المرض ، وبالتالي لا يتمكن الطبيب من شفائه لفوات الاوان .ومن العوامل الاخرى  التي ساعدت على تفتيش الامراض السارية والوبائية  وقوع العراق في مفترق الطرق فضلاً عن قربه  من الهند مما جعله عرضه للامراض الوافدة التي كانت تنقل بواسطة القوافل التجارية وقوافل الزوار الاجانب . علاوة على جثث الموتى  التي يتم نقلها من ايران وغيرها من البلاد الاسلامية لتدفن في النجف الاشرف وكثيرا ما كانت هذه الجنائز تبقى فترة من الزمن في إنتظار إنجاز المعاملات الرسمية لتأمين مرورها ، مما ترتب عليه الكثير من المحازير الخطيرة .لم تكن في العراق وحتى ستينيات القرن التاسع عشر مستشفيات باستثناء  المستشفى الوحيد في ولاية الموصل ، الذي يرقى تاريخ افتتاحه  إلى سنة 1260هـ/1844م اما الاطباء فيندر ان يكون هناك اكثر من طبيب في مركز كل ولاية . لذلك اقتصرت ممارسة المهنة على بعض المشعوذين والدجالين وبعض المتطببين الذين لم تتجاوز معرفتهم الحقائق التي تلقوها شفاها ، إذ توسع بعضهم في معلوماته من خلال قراءته بعض الكتب القديمة  ، اما بالنسبة للقرى والارياف فقد مارس المهنة اشخاص توارثوها عن آبائهم واجدادهم .وامام هذه الاسباب ، لم يكن مستغربا انتشار الامراض الوبائية  التي كانت تفتك بالسكان فتكاً ذريعا ، فعلى سبيل المثال تفشى وباء الكوليرا (الهواء الاصفر)  في الاعوام 1820 ، 1830 ، 1865 ، 1870 ، 1871 ، 1881 ، 1889  ، 1893 ، 1916 ، 1917 .فيما تفشى الطاعون وبشكل وبائي في السنوات 1783 ، 1802 ، 1831 ، 1867 ، 1874 ، 1875 ، 1877 ، 1881 ، 1882 .  ناهيك عن الامراض المعدية الاخرى ، كالجدري ، والتيفوئيد ، والدايزنتري ، اما الامراض الجلدية فانتشرت&

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram