الكتاب: روسيا ضد نابليونتأليف: دومنيك ليفينترجمة: المدى أستاذ التاريخ في مدرسة لندن الاقتصادية، دومنيك ليفين، باحث معروف في شؤون الإمبراطورية الروسية، وكتابه الأخير هذا يعتبر الأفضل من بين مؤلفاته. والموضوع الذي يتناوله هو الصراع الطويل بين روسيا ونابليون- والذي سيعرفه الناس عبر رواية تولستوي الشهيرة،
"حرب وسلام"، تحدي تولستوي يتطلب رجلاً شجاعاً. وهذا ما يهدف إليه ليفين، إذ يعتقد إن تولستوي بعمله الضخم، قاد الناس بشكل خاطئ (ليفين كمؤرخ يميل إلى الحقائق).ففي رواية تولستوي، يدور الحديث عن حرب لا دخل للفرد بالسيطرة على مجريات أحداثها. فالذي لديه خبرة عسكرية، تغلب عليه مسحة ألمانيا، أما الروس فيعتمدون على القدر، والثلوج وعلى اتساع مساحة وطنهم من اجل إنقاذ أنفسهم. أما النقطة الثانية، فهي انتهاء أحداث الرواية في أواخر عام 1812، قبل أن يبدأ الجيش الروسي تقدمه غير المتوقع عبر أوروبا، والذي قاد إلى هزيمة نابليون ودخول باريس منتصراً بعد حوالي عام من ذلك. والوقائع التي يسردها ليفين في" روسيا ضد نابليون" لا تختلف كثيراً. وهو يركز اهتمامه على الرجال الذين قادوا الجيش الروسي إلى النصر- ويأتي في المقدمة القيصر الشاب ألكسندر ومستشاروه المقربون- ويعزو الأمر إلى قيامهم بالخطوات الصحيحة بعكس جيش نابليون. لقد فهموه أكثر مما فهمهم، وفي حين إن نابليون يعتبر عبقرياً في ميدان القتال، فإن ألكسندر اظهر مهارة دبلوماسية أعظم من أجل تأليف تحالف أدى إلى خسارته. وذلك الأمر لم يكن سهلاً، خاصة إثر المخاوف التي تسللت إليهم من كون الفرنسيين العنصر الغالب في الأراضي الألمانية، والخوف أيضاً من تفوق الروس.أما السبب الذي جعل الروس ينجحون في إقناع البروسيين وفوق ذلك السويديين للانضمام إليهم، هو أنهم أظهروا مبكراً انه من الممكن خسارة نابليون. وقد حققوا ذلك عبر تنظيم عملية انسحابهم في عام 1812 طوعاً، الذي أدى إلى تغلغل القوات الفرنسية في عمق الأراضي الروسية، بعيداً عن خطوط التجهيزات والمؤونة، معرضين لهجمات متواصلة على جناحي اليمين واليسار. وكانت تلك الستراتيجية تتطلب الكثير من الحظ الطيب والمزيد من الثلوج. وقد تطلبت تلك الخطة تنظيماً وإدارة كفوءين من اجل متابعة شؤون الطعام وفوق كل شيء الخيول(وتناول ليفين هذين الأمرين يبين كيف أن نوعية الخيول قد تقرر الفوز أو الهزيمة في الحرب).والأمر الآخر الذي تطلبته الخطة هو الثقة ما بين المسؤولين والنخبة الحاكمة والشعب. إن تلك الثقة والإيمان – لنسمه النظام الإمبراطوري – هو الذي يفسّر كيف تمكن ألكسندر من كسب ثقة أعضاء الحكومة، وهو سيعيش حتى بعد هجره عاصمته. ويعقد ليفين مقارنة بين ما حدث في باريس عندما تقدمت القوات الروسية إلى العاصمة الفرنسية، ففي خلال ساعات فقط، كانت الفئران تفرّ من سفينة نابليون، أقرباؤه المقربون يتسللون بعيداً والأمير تاليران يفاوض القادم الجديد.ويأخذنا ليفين في كتابه إلى قلب الجيش الروسي، وهو المنحدر من ضباط المرحلة الإمبراطورية، ويقدم صورة بمسحة وردية عن القصر الإمبراطوري وصورة بطولية عن ألكسندر نفسه،"الرجل الذي كان مسؤولاً أكثر من أي شخص آخر عن سقوط نابليون." وفخر ليفين يبدو واضحاً عندما يكتب، "أن حراس القيصر كانوا من أبهى رجال أوروبا مظهراً".ولكن هذه الصورة التي تدعو إلى الفخر تحمل معها تفهماً عميقاً للرجال والنظام الذي جعل الجيش الروسي الإمبراطوري فعالاً جداً. وفي الكتاب كمية محددة من مشاهد تولستوي للحفلات واحتساء الشراب والمناورات العسكرية، ولكن هناك اهتمام جاد للمقدرة العسكرية في تحقيقها التوازن الدقيق الستراتيجي البديل للحيلولة دون انتصار بونابرت." قف وحارب، أو اسلك أقسى المناورات تراجع منظم، احرصوا على موسكو، أو تتركوا القيصر لمصيره. حاصروا الجيش الفرنسي واسحقوه في الأراضي الروسية، أو دعوه ينسحب." إن هذه السياسة المفضلّة مبنية على أسس معقولة وهي إن تمت إبادة الجيش الفرنسي، فإن روسيا ستجابه أعداءً جدداً بدلاً عنه.كانت السياسة الطموح للاكسندر هي الصمود أمام المناقشات المضادة أشهراً، حتى يثبت صحة رأيه. وقد انسحب الجيش الفرنسي مهزوماً، وانتصر الجيش الروسي أخيراً.
"حرب وسلام" أخرى
نشر في: 22 يونيو, 2010: 04:53 م