احسان الملائكةقررت منظمة الىونسكو ان يكون عام 2002 عام الشاعر التركي ناظم حكمت لانه يوافق مرور مائة عام على مولد  هذا الشاعر وممن شارك في الاحتفال بهذه المناسبة : المجلس الاعلى للثقافة في مصر عبر ندوة ادبية اسهم فيها مشاهير كتاب مصر وفي مقدمتهم جابر عصفور وعبد القادر  القط ،
وفاطمة موسى واحمد عبد المعطي حجازي وغيرهم ،الندوة استغرقت اربع جلسات نقدية وشعرية .ومن مظاهر التكريم الاخرى ان المجلس الاعلى المشار اليه اعد طبع ديوان ناظم حكمت «اغنيات المنفى « الذي ترجمه الى العربية الشاعر محمد البخاري وطبعه في مصر للمرة الاولى عام 1971 ، وتاثر به شعراء السبعينيات في مصر تاثرا واضحا .rnمن هو ناظم حكمت ابوه « حكمت بيك « كان مديرا للمطبوعات العامة وموظفا في قنصلية تركية وجده لابيه « محمد ناظم باشا « ابن شاكر افندي قائممقام مدينة « اقشهر» .عرف جد ناظم حكمت ، محمد ناظم باشا بثقافته الواسعة وميوله الادبية ، ولد في منطقة « اسكودار» باستانبول ، عين متصرفا لمدينة « مرسين « ثم لمدينة « قيصري « . ومن الوظائف الاخرى التي شغلها وظيفة الوالى لمدينة ديار بكر ومدينة حلب بسوريا ، ومدينة قونيا ومدينة سيفاس وكان منتسبا للطريقة المولوية الصوفية ، ومنح لقب الباشوية . من مؤلفاته :1- كربلاء     2- شرح القصائد العربية الشهيرة  3-ديوان شعره في عدة اجزاء .ولد ناظم حكمت كما اشرنا في اسرة ذات مكانة اجتماعية كبيرة وفي اجواء ثقافية مرموقة ومتالقة . مولده في استانبول ودراسته الاولى فيها . كانت والدته رسامة معروفة ، تبدت على الصبي مواهب شعرية واضحة ، واثناء دراسته الثانوية بدا ينشر اشعاره ومقالاته . في تلك المرحلة من حياته ابدى حماسا شديدا لنجاح ثورة التحرير التي قادها مصطفى كمال ، سنة 1923 ، فارسله الزعيم التركي الى الاتحاد السوفياتي ليتخصص في علم الاجتماع ، ولعل الكثيرين لا يعرفون ان الاتحاد السوفياتي كان يقدم المساعدات السرية الى مصطفى كمال اثناء نضاله ضد المحتلين الانجليز والفرنسيين بعد سقوط الامبراطورية العثمانية . في موسكو تهيا لناظم حكمت ان يطلع على اثار مشاهير الشعراء الانجليز والاميركان مثل ت . س . الىوت ، وعزرا باوند ، واودن الخ . كما اطلع على الشعراء الاوربيين العظام التقدميين من امثال اراغون ولوركا ونيرودا . هذا فضلا عن تأثره بالشعراء والادباء الروس امثال بوشكين وماكسيم غوركي ومايا كوفسكي واعجابه الكبير بالروائيين الروس العظام امثال دوستيفسكي وغوغول وتشيكوف الخ ، واستطاع فيما بعد ان يتفهم كفاح الجمهوريين الاسبان ضد الدكتاتورية ، ويطلع عن كثب على رسوم بيكاسو الثورية ويتعاطف مع تجديداته التي غيرت عالم الرسم الحديث تغيرا جذريا .انهى ناظم حكمت دراسته في موسكو لكنه حين عاد الى تركيا قبض عليه والقي به في السجن لانه ينتمي الى الحزب الشيوعي في حين كان نظام مصطفى كمال ، راسمالىا ومعاديا تماما للفكر الماركسي والنظام الشيوعي .  وقد صدر الحكم عليه بالسجن مدة خمسة عشر عاما لكنه استطاع بعد سنوات الهرب من السجن ، والتنقل بين المنافي خارج وطنه ، واضطر الى ان يمارس مهنا عادية كي يضمن لقمة عيشه فاشتغل عامل مطبعة كما فعل الشاعر بول الوار شاعر المقاومة الفرنسية ، وغير ذلك من المهن . اثناء ذلك كان يواصل نشر اشعاره ومقالاته في تركيا تحت اسماء مستعارة فنشر عشر مجموعات شعرية وثلاث مسرحيات بهذه الطريقة وعاد ناظم حكمت اخيرا الى تركيا فقبض عليه فورا وذلك سنة 1938 وصدر عليه الحكم بالسجن مدة 28 عاما ، قضى منها في السجون ثلاثة عشر عاما ، فتنادى احرار العالم في كل مكان احتجاجا على سجنه ، حتى اطلق سراحه كما سياتي ، اثناء فترة سجنه لم ينقطع عن الانتاج وكان يعلن في قصائده تعاطفه الشديد مع ثورة الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي ، ويكتب عن بور سعيد ضد العدوان الثلاثي على مصر  الخ الخ . اقتبس فيما يلي جزءا من قصيدة كتبها في سجنه الانفرادي :-  (غير مسموح لي ان اتحدث الا مع نفسي ذلك ما أفعله ، الا اني اغني حين اسام الثرثرة يتغلغل صوتي حتى اعماقي فيتمزق قلبي ويود فؤادي ان يبكي كالىتيم الحافي القدمين في الاسطورة وهو يمشي فوق طبقات الجليد اللاسعة ببردها  يبكي وحيدا منتفضا وسط الرياح لست اخجل من بكائي ولا من ضعفي كم اتمنى ان اسمع صوتا انسانيا غير صوتي . ) في سنة 1949 تشكلت في فرنسا لجنة تحت اسم « لجنة تحرير ناظم حكمت « وتوالت احتجاجات احرار العالم ضد الحكومة التركية ، حتى تم الافراج عنه ، لكنه بعد ذلك تعرض للمراقبة البوليسية ، ما دفعه للهرب الى بلدان اوربا الشرقية وعاد يتنقل من منفى الى منفى .توفي ناظم حكمت سنة 1962 فرثاه كل كبار شعراء العالم من ذلك ما كتبه الفيلسوف الفرنسي سارتر ( ان اشعار ناظم حكمت ستعمل على حمايته من النسيان . لقد انتزع ناظم نفسه من القبر بكل كلمة كان يكتبها ) . درس ناظم حكمت علم