عبدالله السكوتييحكى ان رجلا كانت له ببغاء تتكلم بفصاحة عجيبة، وفي ذات يوم دعا الرجل بعض اصدقائه لتناول الغداء عنده في البيت، وقامت امرأته باعداد وليمة فاخرة، وكان من جملة ما اعدت من انواع الطعام (كبّه فاخرة) وارادت المرأة ان تبردها فوضعتها في (الصينيّه) ووضعت (الصينيّه)
وسط الدار، فجاءت الببغاء وارادت ان تأكل منها، وخافت ان ينقص العدد، فأكلت من كل واحدة قطعة صغيرة فاتلفتها كلها، فجاء رب الدار ووجد (الكبّه) تالفة، سأل زوجته عن السبب فاخبرته ان الببغاء هي من فعلت ذلك، واراد حينها ان يفتك بها ولكنها كانت اثيرة عنده، وعزيزة لديه، فامسك بها ونتف ريشها عقابا لها، ومن ثم ردها الى القفص ؛ جاء الضيوف فنظرت اليهم الببغاء ورأت بينهم رجلا (اصلع)، فصاحت به: لايامسكين... اويلي عليك... (هاي انته هم ماكل كبّه؟).هذا المثل او الحكاية تحكى لمن ينزل به عقاب وهو لايعرف سببا لذلك ولم يقم بجريرة تستوجب هذه العقوبة.الاشهر الثلاثة المقبلة من احرج الاوقات التي مرت وستمر على العراق، فقد ابتدأ الامر من حيث انتهى سابقا، واستغلت قضية الكهرباء اسوأ استغلال حتى انها اغرت القاعدة ذاتها باللعب وراء هذا المسمى فعادت الى لعبتها القديمة في تفخيخ ابراج الكهرباء كماحدث في الانبار لولا يقظة القوات الامنية هناك، وسيحدث لاحقا في محافظات اخرى، الوضع في العراق من الصعوبة بمكان وينطبق عليه قول الشاعر:كم اداوي القلب قلّت حيلتي/ كلماداويت جرحا سال جرحالتظاهرات السلمية امر مكفول بالدستور وهي من اساليب الاعتراض المتحضر لازالة الغبن الذي يلحق بالشعب، لكن في العراق يختلف الامر فهناك من يتحين الفرص ويبحث عن الثغرات لايقاع البلاد بكارثة حقيقية، الاعتراض والتظاهر امر وارد، والشعب له الحق ان يقول كلمته، لكنه يجب ان يأخذ بنظر الاعتبار متى يصمت ومتى يتكلم وكما قال احد الشجعان: (اقدم حين ارى الاقدام مغنما واحجم حين اراه مغرما)، وهو الان صب في مصب آخر واستغل استغلالا لا اعتقد ان الشعب يقف في صفه لانه ان استمر على هذه الحال فسندفع الوطن ثمنا للكهرباء، وتكون قضية الكهرباء كالقشة التي قصمت ظهر البعير لاسامح الله، ربما يعتقد البعض ان اسلوب الهجوم والفوضى غير المحسوبة توصل الى الاهداف المرسومة، غير مقدرين لعواقب الامور وغير حاسبين ماستؤول اليه، العراقي كتب له في هذه المرحلة ان يضحي بالجزء ليضمن سلامة الكل وهذا هو مادعاه الى الصمت طوال الزمن المنصرم، ومسؤوليته تحتم عليه على الاقل في الاشهر القليلة المقبلة ان يؤثر الصمت ليضيع الفرصة امام من يريدون اللعب بالكلمات او الافعال ليسيروها مسيرة اخرى وفق تصورهم المتخلف سواء اصحاب الاجندات المخفية ام المجاهرين بالاجرام والموغلين في القتل من امثال القاعدة، صحيح ان هناك الكثيرين من الذين اكلوا الكبه ولم يعاقبوا ولم ينتف ريشهم، لكن بالمقابل هناك الكثير من الابرياء اتهموا بهذه التهمة لغاية في نفس فلان وفلان، لم تكن الكهرباء وحدها القطاع المتخلف في العراق وهناك الكثير الكثير، ومع هذا نجد صمتا مطبقا تجاهه ولكن الكهرباء جرح لم يندمل في جسد العراقيين ومنذ سنوات، ساعد على تخلفه التوسع الكبير الذي شهدته العاصمة بعد 2003 اذ طالما حلم المسؤولون بالسيطرة على البناء العشوائي الذي امتد افقيا في بغداد، وحلم آخرون برفع التجاوزات عن الكهرباء امام بعض الناس الذين تعلموا اسلوبا جديدا في التعامل مع الحكومة الديمقراطية وهو اسلوب (آخذ حقي بيدي) فترى البعض يسرق حصة الاخرين ليتنعم بكهرباء 24 ساعة ؛ هناك عوامل عديدة اسست لتخلف قطاع الكهرباء في العراق، لم يكن كريم وحيد ولا المالكي مسؤولا عنها كليا.
هواء فـي شبك: (انته هم ماكل كبه...؟)
نشر في: 25 يونيو, 2010: 06:40 م