علي حسين لم أكن أتمني أبدا أن تتورط وزارة الداخلية في إصدار بيان يحدد أوقات ومواعيد التظاهرات، ولم أكن أتمنى ان يبدأ البيان بعبارة تذكرنا بالانقلابات العسكرية التي تعود عليها المواطن المسكين حين يصدح صوت المذيع مجلجلاً (إلى أبناء شعبنا الكريم الوفي)الأسئلة هنا كثيرة:
هل يطبق هذا البيان علي جميع أنشطة المجتمع المدني والتي أباحها الدستور.. ام سيتم تطبيقه فقط على التظاهرات التي تطالب بتوفير الخدمات؟.. وهل تنطبق على منتمين للأحزاب النافذة ام فقط على الغلابة من أبناء الشعب، ماذا يحدث إذا خرجت تظاهرة تندد بالفساد المالي والإداري والمحسوبية والرشوة والانتهازية لا قدر الله؟ وهل يجري عليها ما جرى على أبناء البصرة؟ بيان وزارة الداخلية، كما نشرته الصحف والمواقع الالكترونية، يفتح بابا ًللاستغراب لأنه يجيز للمحافظ ووزير الداخلية التحكم بمشاعر الناس وردود أفعالهم جراء ما يجري من خراب في البلد، ويفتح باب الاختلاف كونه لا يجيز للعراقيين ان يحتجوا أو أن يقولوا رأيهم بصوت عال الا بموافقة أولي الأمر ، وبالتالي فان من الطبيعي أن يقف أولو الأمر ضد احتجاجات الناس وشكواهم. القاعدة تقول: علموا الناس ما ينفعهم، ومثل هذه البيانات لا تنفع ولا تشفع، وإنما تزيد مساحة الاختلاف وأتوقع أن تؤزم العلاقة بين المواطن والحكومة. الاحتجاج والتظاهر أمور كفلها الدستور وهو وحدة المخول بتنظيم العلاقة بين المواطن والحكومة وما عداه يعد تعديا على حريات الناس. الإسراف في إصدار التوجيهات والتعليمات معناه أن مساحة الشك وعدم الثقة بين المواطن والحكومة أصبحت واسعة وتزداد كل يوم، كل شيء في حياتنا اصبح يحتاج الى قرار، وتراجعت مساحة العقل والتفكير والتدبير. كثير من البيانات تلحق الضرر بالناس خصوصاًَ إذا صدرت في حالة تشنج بين المواطن والدولة، كثير من البيانات أضرت بالحكومة وضربتها في مقتل، وعكرت علي الناس صفو حياتهم خصوصا اذا كانت تحوي عبارة سوف تستخدم الوسائل المعروفة لتفريق المتظاهرين. في زمن الديمقراطية وحرية الفكر وفي زمن الفكر الجديد نجد هناك من الأفراد من يتحدث باللغة القديمة التي لم تعد تصلح، لغة تحذر وتنذر وتقول أننا ما زلنا نعيش عصر (القائد الضرورة) الذي هو وحده يعرف ما يضر وينفع الناس.
العمود الثامن ..سؤال بريء إلى وزير الداخلية
نشر في: 26 يونيو, 2010: 04:32 م