محمود النمرفي اول وهلة يحيلك عنوان  المجموعة الى غرابة  التسمية التي تستدير نحو جهة التاريخ  الموغل بالقدم من حيث معنى – البازلت – وهي تثير فيك غواية  معرفة  - البازلت – وهو حجر اسود قديما كان  يستعمل للمسلات والكتابة عليها لقوة هذا الحجر وعدم التأثر بالتغيرات الطوبوغرافية  ولندرته أيضاً ومن الجدير بالذكر ان (مسلة حمورابي)
   نحتت منه ،ولأن الشاعر سليم بركات هو من ضمن هذه الرقعة الجغرافية في  بلاد الشام  ومن محافظة القامشلي التي  تكثر فيها صخور -  البازلت -اتخذها مصدرا ومحورا شعريا للبناء الذي  تتمحور عليه هذه المجموعة. تاتي قصيدة – ترجمة البازلت – في أول المجموعة / هكذا أخيرا ذاتها :المتاهة باعتدال الموت / هكذا ذاته الانين رتيبا / والحياة باعتدال كخلق الرمال في المضائق الصُّور .تثير هذه القصيدة لوعة الشاعر من الخراب والجوع والهزيمة بحيث يعد وليمة  في لغة اللامعقول لكي يهيىء وليمة الخيبة التي يراها تحيط به واظنها  صرخة الشاعر التي لا تسمعها الا الطبيعة الصامتة بالرغم من الإشارات الصادرة من الشاعر في  ترجمة الوضع الذي يحيط به ./ لا جاحدين براعاته إذ يقرع  الرعد أباه الصدى / عادلين يجيزون العبور بغفران القبل للشفاه / وبالحياة  اقصر من ثوب الى شركائهم المستنكفين عن مجاراة  الافلاك مذ خذلوا في كل بعد / لايتعللون / ولايعللون .هنا يندب الشاعر سليم بركات الاخرين ويستطلع الخيبة الكبيرة التي  تحل بالعالم / هم هناك في المسالخ يستطلعون حياة مؤجلة الى الغد.هي علامات مؤشرة لذات الغد الذي توقف الزمن عنه فبدت الأشياء موحشة تبدو وكسيرة،  الأشياء مذعورة متورمه بالخيبة ،وهذا الاحساس جاء نتيجة تحسسات عالية بالوعي الإدراكي لما يدور حول الشاعر وفي هذا إشارة واضحة من خلال عنوان القصيدة المستنفر بالإيحاءات ( لاممتنين للعبث ) .يسترجع سليم  بركات التاريخ بصفة الحاضر وكأنه يستعير الصفحات الناصعة والمنطوية ، المشرقة والمنطفئة، ويحاول ان يسرد على مايشتهي في  المحاور التي لها دلالات تاريخية من خلال السرد الملحمي، ويتضمن كل الأمكنة وتأثيثها الذي يشمل الزرع والضرع ،ويضغط على الذاكرة اية ذاكرة ، من ذاكرة الشاعر الى ذاكرة القارئ بحيث يستنفر كل المحسوسات حتى تتشكل بانوراما  تحتوي كل الأشياء/  فصَّلوا  البَّر حذاء لعبور الممرات الخشنة في سماء "موزان "المتنزه الأخير للتماثيل/  جدلوا البَّر سوطا  لحث الافيال الازلية على عبور الممرات /المياه في اقاليم" تيغري "المتنزهات الأخيرة للأسلاف المنكسرين .وبقدر ما تحيط الشاعر الهواجس المحرمة ،تستيقظ لديه القدرة بالتمرد للعبور إلى مناطقية الممنوعات ،فيبدأ بالسطو  الطفولي المشبع بالفضول البريء لمعرفة ماهية تلك  الممنوعات حتى تمتلأ رئتيه بالمحرمات والفضول والممنوعات وتلك محنة الشاعر الذي لايطيق الممنوعات والتحريم، إلا ويذهب  إليها حتى ولو كان بلا  وعي ،عابرا جميع الحواجز حتى وان كانت ملغومة وملغزة / في حدائقهم لاقيامة هنا / يقولون لاقيامة هناك / ماء جرح / مأسوة ناجحة بعذابها /حقدٌ  متألق ببركة اللحم ممزقا ناجحة بعذابها / حقد  متألق ببركة اللحم ممزقا  ببركة اللحم في خلوات المحظوظين.العذابات كلها تنصب فوق رؤوس البشر منذ البدايات الأزلية ،الخوف الأزلي المستفز في الوعي ،لعنات الآلهة العمياء التي تبطش بالفقراء والمعدمين/ ويزعمون آلهة ٌواشية ٌ تتدبر الممكنات /أطياف جليد تحاكي الملوك /ببلاغة من صراخ القطرب /لا موتى ينزلون عن شجرة الكستنة /لا موتى يقشرون الهواء عن البندقة الماكرة .ديوان شجرة البازلت هو من إصدارات دار المدى للثقافة والنشر 110 صفحة من القطع المتوسط ،ان قيمة الشاعر سليم بركات  باستخدام  الأسطورة والأمكنة والزمن والإنسان وتلك الأسماء تتشكل منها مفاتيح الحياة فهي متصلة ببعضها ولا يمكن ان تنفصل أيضاً عن بعضها ،ويحاول ان يطرح فيها جدلية الحياة ،لكنه يوغل بقيصدة (القناع ) او ما يسمى - اليغورية – ولا ينفك عن الترميز ،فالقصيدة يمكن ان تكون مستعدة للتأويل وفق ما يشتهي القارئ / مرحى ايها الدحض المائي /المنصف في المنطق ضاغطا بأضراسه على الغيبوبة الصلبة كترقوة الحمار /سنعلمهم سطو الظلال  على المرئي.تتميز هذه المجموعة باللغة والاستعارة والتشبيه والتورية وطباق والجناس وكأن  الشاعر يجعل من اللغة هدفا وغاية، وتلك الاستعارات هي الوسيلة التي يمكن  ان يصل بها إلى عالمه مفككا وضائعا في غابة اللغة الحمراء التي يستخدمها الشاعر سليم بركات بحنكة راو ٍ وحكيم.