اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ذكريات قربية إلى النفس فـي أربعينية الراحل رحمن الجابري

ذكريات قربية إلى النفس فـي أربعينية الراحل رحمن الجابري

نشر في: 26 يونيو, 2010: 04:38 م

ثائر الحياليكان صباح الاثنين، السابع عشر من أيار الماضي حزينا فقد  تجمعنا نحن أصدقائك ومحبيك في مقبرة المدينة لإلقاء النظرة الأخيرة عليك. كان يوم وداعك يا رحمن وكان القلق يملا عيون مودعيك ، قلق وتساؤل لم ألحظه في تلك العيون من قبل ، فقد ضمنا المكان ذاته لنودع أحبة وأصدقاء آخرين،
تذكرت  في تلك اللحظات كل السنوات التي قضيناها معا، أكثر من ربع قرن من الذكريات مرت وكأنها  ومضة حلم، تساءلت بداخلي هل يمكن للحظة أن تختصر سنين تلفت حولي أتلمس جوابا ما ولكني فوجئت بان الجميع يتساءل مثلي، عندها أحسست أكثر بفجيعة الفقدان. rnأتذكر لوحتك التي أهدينها لوالدتي،  أم فقدت ولدها أثناء حرب الدكتاتور الأولى كانت هذه إلام تسال الله لماذا ؟؟؟؟؟؟تعرفت عليك في القرن الماضي في نهاية عام 1982، هو العام الذي شهد ولادة  أبنك فلوريان (نورس )، ورغم حداثة عهدك بالمحطة الثالثة أو الرابعة من منفاك، لكن  استقبالك لنا كان  مليئا بحنان الأخ والزميل الكبير، سألتني حينها عن أحوالي ودراستي كم كان  فرحك كبيرا، عندما عرفت أني أدرس الطب و شجعتني على المثابرة و إكمال دراستي كي أخدم بلدي بعد سقوط الدكتاتور، كان تفاؤلك حينها كبيراً. في لقاءاتنا الأولى , كنت تحدثتا عن مشاريعك الفنية وما تطمح لتحقيقه بعد أن استقر بك المقام في ألمانيا وكانت رغبتك ملحه، ولكنها متواضعة،  كنت تحلم بمرسم خاص يمكنك أن ترسم فيه بهدوء وطمأنينة، كان ذلك ما تريد وأنت الفنان المبدع، ربما كان تواضعك سبب في عدم انتشارك بالشكل الذي تستحق.كم أعجبني آنذاك تفاؤلك ورؤيتك  الايجابية لمستقبل العراق، وإننا سنرجع يوما للوطن الحبيب لقد غادرتنا يا رحمن ولا يزال العراق بعيداً.مرت الأيام، كنا مجموعه ناشطة نتحرك بكل أحاسيسنا على المنظمات والأحزاب الألمانية للتعريف بمحنة شعبنا و وحشيه النظام السابق , وكانت عيون النظام ومخابراته منتشرة في كل بقاع ألمانيا، حينها لم يكن عملنا سهلا  فأصدقاء النظام الدكتاتوري و مرتزقته كثر في شرق الأرض و غربها  وكان الدعم يأتيه من كل حد وصوب و الكل يتجنب إغضابه، الا نحن ضحاياه كنا نصر على السباحة ضد التيار هكذا كنا ولإنزال يا رحمن. كنا نعود من هذه الفعاليات متعبين لسيرنا على الإقدام فأحوالنا المادية ضعيفة و ليس هناك من يدعمنا، كان قلبك وبيتك مفتوحا لنا، فأنت الوحيد الذي كان يسكن شقة واسعة ، كنا نتناول ما أعددت لنا  من طعام سويه، ثم نحتسي الشاي  ونناقش ما انجازناه ذاك اليوم كنت تصغي لنا رغم انشغالاتك ومشاريعك الفنية الكثيرة. كانت لحظات جميله تلك التي أرقبك فيها وأنت ترسم أحدى لوحاتك و موسيقى موتزارت, بتهوفن ترافقك وأحيانا أخرى أغاني لفكتور جارا ، كنت اجلس صامتا ومأخوذ وأنا الشاب الذي لا يميل إلى السكينة، كانت عيونك معبرة ، ذات جاذبية أنسانية ومتفائلة ولكني كنت الحظ الحيرة فيها، كنت تحدثنا عن بيكاسو، دافنشي, فان كوخ، لقد جعلتني اهتم بهؤلاء الكبار وأعشق فنهم.أنت يا رحمن أعطيتني لونا خاصا في حياتي, هذا اللون الإنساني بكل زخرفاته وأطيافه، يجعل الإنسان يرتقي بكل أحاسيسه. نفس الألوان موجودة في أعمالك، كنت متوحدا مع ذاتك.أتذكر البوسترات التي سهرت من اجلها الليالي لكي تكتمل, أتذكر سهراتنا سويه لكي تكمل  شعار إتحاد ألطلبة العام في الجمهورية العراقية هذا الشعار الجميل الذي كان يتصدر نشاطاتنا  في ألمانيا من شمالها إلى جنوبها أتذكر العديد من المهرجانات  "الكيمناده" في مدينة بوخم وأنت ترسم الكاريكاتير لوجوه زوار المهرجان كانوا يضحكون بفرح طفولي  عندما يتسلمون صورهم وقد نالها عبث جميل من أناملك الذكية،  كم كانت أيامنا بسيطة و جميلة المحزن إنها لن تعود.كنت تشجعني على قراءه الأدب, الفن والسياسة بالعربية و ألألمانية تدفعني لأجرب  ألكتابه والاستمرار بالمتابعة، لم أصبح إعلاميا ولا كاتبا ولكني لا زلت اقرأ الكثيركنت تفرح عندما استغل استراحات مؤتمرات جمعية الطلبة العراقيين  للقراءة، كنت أحس حينها وكأنك أخي ,أهلي  الذين لم أرهم منذ سنين، لقد  كنا كالعائلة الصغيرة.  لا استطيع اليوم أن أقول لك هل تذكر ، عندما كنا  ذاهبين إلى المدينة و شاهدنا بالمصادفة أمرآة طاعنة في  السن ممدة على الأرض فهرعت  نحوها وقلت لها: جدتي  هل نوصلك إلى المستشفى ؟ كم كان وجهك حينها حزينا وكأنك تخاطب والدتكأجابت: شكرا انأ بخير هل بإمكانك إيصالي إلى المدينة؟، عندها عرفت إن الغربة وخصوصية الفنان كما يدعون لم تنل من شهامة ألإنسان فيك.أتذكر سفرتنا إلى ايطاليا مع الشاب الليبي الطيب الذي جاء للعلاج في ألمانيا، يومها  سألنا صاحب المقهى الايطالي في مدينتنا : كم تبعد مدينه ميلانو من هنا؟أجاب: 600 كم تقريبا: جمعنا  أمتعتنا بشكل مفاجئ وبعد دقائق كانت السيارة تسرع بنا نحو ميلانو،  طلية الطريق كنا نستمع إلى المغني الايطالي  الاوبرا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram