بغداد/ كاظم الجماسيقبيل اواخرالعام 2009 اعلن رئيس الوزراء نوري المالكي بدء الحرب على الفساد، ووعد ان يكون العام الحالي، عام القضاء المبرم على كل اوجه الفساد، في كل مفاصل الدولة العراقية، واليوم ونحن نجتاز عتبة الثمانية اشهر، منذ تاريخ ذلك الاعلان، تشير الدلائل معظمها الى ان الخط البياني في تصاعد متواتر في نسب قضايا الفساد واعداد الفاسدين.
أرقام وأحصاءات دالةفمن بين(188) دولة من دول العالم اجرت عليها منظمة الشفافية العالمية، مسحا شاملا لرصد حالات الفساد المنتشرة فيها، ذكر التقرير الصادر عنها في نهاية العام 2009 ان ترتيب العراق يأتي ثامنا من بين تلك الدول المائة والثماني والثمانين..ويذكر التقرير الصادر عن هيئة النزاهة العامة ان الهيئة تلقت في العام2008 وحده(5031) إخبارا عن فاسدين، عرضت(3027) دعوى جزائية منها على قاضي التحقيق، حكم فيها على(97) متهما في قضايا فساد بموجب(79) حكم ادانة، فيما بلغ عدد الموقوفين بتهم الفساد، على ذمة محققي الهيئة(417) موقوفا، اما عدد الدعاوى المحالة الى محاكم الجنايات والجنح، فقد بلغت خطا تصاعديا بنحو عام، خلال الاعوام(2004،2005،2006،2007،) بلغت على التوالي(26،296،195،382) فيما بلغ عدد المشمولين بقانون العفو العام لسنة(2008) لوحدها(2772) متهما بقضايا فساد.ويشير تقرير هيئة النزاهة الى ان عدد من اوقفت الاجراءات القانونية ضدهم في العام2008 فقط سبعون موظفا متهما بقضايا فساد لعدم موافقة (الوزير) المختص، فيما بلغ مجموع اولئك الموظفين المتهمين211 موظفا طيلة الفترة السابقة على العام 2008 .واشارت تقارير مختلفة مصدرها منظمة الشفافية العالمية، وجهات اكاديمية محلية واجنبية، ان مظاهر الفساد البادية للعيان تمثلت في عقود ضخمة ابرمت مع جهات مختلفة لتجهيز القوى الامنية المختلفة(جيش، شرطة، قوى امنية اخرى) بعدد وآليات عسكرية مختلفة، وعقود نفطية مختلفة، ومبيعات نفطية خارج الاطار القانوني لحصة العراق، وكذلك تكديس كميات ضخمة من البضائع المختلفة على ارصفة الموانئ لفترات طويلة وتعرضها للتلف بسبب ذلك، فضلا عن توقيع عقود تجارية مختلفة بشروط تتعارض والمعايير السليمة للمعاملات التجارية المتعارف عليها..، كما ان ظاهرة تهريب كميات كبيرة من المواد الغذائية والسلع الاخرى خارج البلاد، استفحلت بنحو كبير، فضلا عن التركات الضخمة المتخلفة عن تصرفات النظام السابق من اموال مهربة او مجمدة او بضائع ومعدات متعاقد عليها ومدفوعة الاثمان ولم يتم توريدها الى البلاد.ويمكن الاشارة الى حالة فساد باتت ملحوظة وتتمثل في عدم تقديم المتهمين الى القضاء، فضلا عن فرار بعض المتهمين ولاسيما المسؤولين من قبضة العدالة.ومن اوجه الفساد الاداري التي شاعت وانتشرت بنحو كبير، التزوير الحادث في الوثائق الرسمية وغير الرسمية، وخصوصا الشهادات الدراسية، لاغراض الحصول على وظائف مختلفة ومتفاوتة الاهمية، ليس من اجل تقديم الخدمة العامة ولكن للاستحواذ على المنصب وما يدره من منافع واموال.وفي تقرير للهيئة العامة للنزاهة، نشر على موقعها الالكتروني في(25/5/2010)، وردت قائمة باسماء(69) مرشحا في انتخابات مجلس النواب، التي جرت في السابع من اذار من العام الجاري، من الذين قاموا بتقديم وثائق مزورة الى المفوضية العليا للانتخابات..، فيما يعزو تقرير منظمة الشفافية العالمية اسباب شيوع ظاهرة الفساد الاداري والمالي في العراق الى غياب العقوبات الرادعة، واستفحال الرغبة في الحصول على اقصى ما يمكن من الثروة الشخصية، وايضا غياب او ضعف الضوابط الادارية، ولا يغفل التقرير الضغوطات السياسية المستمرة على الاجهزة الادارية للدولة.حصانة القضاءوالطامة الكبرى ان آفة الفساد امست مستشرية في اهم المفاصل الحساسة في الدولة، الا وهي مفاصل القضاء، الامر الذي يقرع ناقوس الخطر بشدة. يقول حميد مجيد موسى النائب في البرلمان السابق: يصعب اعطاء ارقام محددة او الحصول عليها عن حجم الفساد في القضاء ولكن بصورة عامة ينبغي ان يكون جهاز القضاء ابعد الاجهزة عن الفساد فهو المرجع في حماية الحقوق وصيانة القانون والتطبيق الامين للدستور ومن باب أولى ان يكون هذا الجهاز الاكثر نزاهة والاكثر نظافة والاكثر استقامة سواء في تركيبته او في ادائه .وهذه مهمة شاقة وعسيرة وخطيرة ولابد من تحقيقها، فمن دون قضاء نزيه خال من مظاهر الفساد ايا كانت اشكالها وتجلياتها يصعب ضبط اداء الدولة واجهزتها وحماية حقوق المواطن.ويضيف النائب موسى:تأسس جهازنا القضائي على تركة ماض ثقيل مشبع باللاقانونية و باللا شرعية، وسنوات من الاحتلال و الفوضى والمحاصصة والطائفية البغيضة، كلها أثرت سلبا على واقع البلاد بنحو عام وعلى واقع القضاء بنحو خاص، فتسللت عناصر سيئة وغير منضبطة وليس من حق لها ان تكون في موقع القضاء، فلم تزل تستشري امراض الرشوة والوساطة والتلاعب وتنخر صفوف هذا الجهاز، غير ان الامر لايعني خلو هذا الجهاز من عناصر خيرة ونزيهة يمكن ان تكون نواة جيدة لاعادة البناء، بما يخدم تشكيل دولة المؤسسات، وعليه فان مهمة تطهير هذا الجهاز من العناصر المسيئة والمخربة تعد مهمة آنية وملحة ولابد من تعزيز حصانة جهاز القضاء بالتدريب الجيد وتأصيل المهنية الصادقة وبالرواتب المجزية مع التأكيد على الرقابة المتواصلة
هيئات ومنظمات محلية ودولية:الضغط السياسي وضعف القضاءوالادارةوراء الفساد في العراق
نشر في: 27 يونيو, 2010: 07:17 م