اياد الصالحيأفرطت صحفنا الرياضية المحلية طوال فترة المونديال 19 بالتركيز على استطلاعات شبه يومية لمدربين من مختلف الملاكات التدريبية العاملة مع أندية الدوري الممتاز حيث يتميّز بينها صاحب الخبرة والتجربة عن الآخرين ممن يواصلون التعليم في مدرسة ( الدوري)!
لعل المفيد هنا الإشارة الى ان اغلب مَن أدلى برأيه بشأن مدى استفادته من مباريات المونديال لم يخرج عن المحددات الثلاث المكررة دائما ( الخطة والأسلوب ومفاتيح النجاح) ، حتى ان بعض المدربين صدّق تحليلاته وراح يؤكد بان ليبي لعب بجناح مكسور ومارادونا مطالب بتعزيز خط الدفاع وان سرّ هزيمة دومينيك انه اكتفى بمدافع واحد فقط في منتصف الملعب !! وغيرها من أضغاث أحلام لم يفق منها هذا المدرب ومن سار على نهج خديعة نفسه إلا عندما يعاتبه مشجع ما بسؤاله : ( وأنت يا كوج.. لماذا تسمّرت بمقعدك امام توالي هجمات فريق الهندية )؟!ليس عيبا ان نتفاعل مع بطولة عالمية كبيرة برأي متواضع يستدل منه على كفاءة المدرب وحرصه على نقل معلومته الصحيحة ورؤيته بحسب اجتهاده انها كانت متطابقة مع حاجة هذا المنتخب الأوروبي أو ذاك الأمريكي اللاتيني الى عوامل الفوز وفق معطيات واضحة تجذب ذهن المشاهد للتحليل في القناة الفضائية او القارىء للصحيفة وكلاهما تسهمان إعلاميا في انتشار ثقافة كأس العالم عبر استضافة مدربين وصحفيين محل ثقة المتلقي بكل ما يطرحون من نقاط اساسية تبرر اسباب النجاح والفشل حسب افرازات الموقعة الكروية خلال الحراك الفعلي للاعبين وترجمة القراءة الفنية واقعيا بلا تهويل او مبالغة!المسألة الابرز التي لم تعر لها وسائل الإعلام العربية الأهمية المناسبة اثناء تسليط الأضواء المونديالية ، انعكاس روح الفريق معنوياً على ديمومة عطاء اللاعبين نحو الافضل حتى الدقيقة الأخيرة من المباراة ، وشاهدنا كيف تحلى الانكليز برباطة جأشهم عندما الغى لهم الحكم الاورغوياني خورخي لاريوندا هدفاً لا يشك به حتى (الأعمى) عندما هوت كرة لامبارد وراء خط مرمى الالمان ، لم تثر حمية (الأسود الثلاثة ) مع ان غيرتهم على بلدهم تدفعهم لمحاججة الحكم ومساعده وعدم الاعتراض عليه على طريقة ( الكابوي) ما اشعر جوزيف بلاتر بالحرج حقاً وعقد بسرعة مؤتمراً صحفياً امس قدم فيه اعتذاره لوفدي انكلترا والمكسيك ( ضحيتي التحكيم) ووعدهما بفتح ملف التكنولوجيا في اجتماع فيفا بكارديف 21 و22 تموز المقبل ، وتخيلوا لو ان منتخبا عربيا سُرق منه هذا الهدف كيف سيهدر بركان غضب لاعبيه حمماً ، وكم تطول مدة الاعتراض على الحكم المقصّر داخل الملعب ولا يعلم احد من يوقف شغب الجمهور العربي الذي يعد ذلك جريمة مخلة بسمعة البلد تبيح له الثأر بالحجارة والقناني الفارغة و...الشتائم؟!هذه مسلمات ينبغي التعاطي معها بحكمة وتروِ ، وهي دروس عظيمة من حكايات عالمية لبطولة ما زالت تحظى بشعبية القارات الخمس منذ عام 1930 ، وعندما نشير هنا الى ضرورة ان يتعلم المدرب واللاعب العربيين احترام قرار الحكم مهما كان قاسيا او مشبوهاً لتأكيد انها جزء فعّال من ثقافة تقبل الهزيمة واشاعة الانطباع بان كرة القدم العربية لا تتأثر بالسلوكيات الغريبة والمدمرة ، فالغرب لديه تصور سيىء عن اللاعبين العرب ويصفهم دائما بالمتأخرين عن الركب العالمي بدليل ان زين الدين زيدان لم يسلم من دفع ضريبة أصوله العربية ، بعدما نطح ماتيراتزي في نهائي 2006 ، كتبت عنه الصحافة الايطالية : (هذا العربي ابن بجايا الجزائرية لا يمكن ان يكون مواطنا فرنسياً) ، وراحت تحصي تلقيه البطاقات الحمر 14 مرة خلال مسيرة 17 عاماً خاض خلالها 794 مباراة ، منها 12 مرة طرد بسبب ( البصق والصفع والضرب بالرأس ) ضد منافسيه في المباريات!انظروا الى أمر آخر حتى ماكنات الشحن العدائي التي دارت في مطابع كبرى الصحف الانكليزية والألمانية قبل لقاء الغريمين (التقليدي بحساسيته) و(الاستثنائي بنتائجه الفضائحية) لم تغير من سلوك لاعبي المنتخبين أثناء المباراة ، بل كانوا في منتهى الاحترام والتعامل الأخلاقي الرائع ، لم تفسدهما حرارة الأهداف الأربعة ، ما فرضا أجواء مثالية على الجماهير وكأنها أذعنت لعدالة اللعبة فخرج الجميع راضياً من دون تأليب صفو المونديال بإحداث شغب عارم لا يحمد عقباه ، بينما في الملاعب العربية يكون اللاعب شغوفاً لمطالعة ما يكتب ضد منتخبه ويعبىء نفسه بأفكار سوداوية يعكسها بتصرفات مشينة للرد على ما تروّجه بعض وسائل الإعلام التي تسقطه في فخها بكل يسر لتحقيق مآربها.Ey_salhi@yahoo.comrn
مصارحة حرة: حمم الغضب العربي !
نشر في: 29 يونيو, 2010: 05:56 م