وديع غزوانهنالك تعثر كبير وواضح في مستوى الخدمات في بغداد والمحافظات، وهنالك بالمقابل مبالغ تتجاوز ملايين الدولارات خصصت للوزارات الخدمية وغيرها، وضعف أداء لا يرقى الى مستوى الطموح.
سوء خدمات وإدارة وفساد واختلاسات وظواهر أخرى مدانة نبهت عليها وسائل الإعلام وسلطت الأضواء على مخاطرها من دون ان نرى جدية في المعالجة, او موقفاً حازماً إزاءها، فلم نسمع غير التبريرات والتسويف على حساب حاجاتنا الأساسية.الكهرباء ليست القضية الوحيدة التي يشتكي منها المواطن، فهنالك مفردات الحصة التموينية التي لم يتسلمها المواطن منذ ما يقرب من سنة، برغم ان مبالغها مرصودة ومصروفة من دون ان يسأل احد عنها، وهناك تفاقم في أزمة السكن يغض المسؤولون الطرف عنها، سواء في مجلس النواب او الحكومة بل يزيدونها تعقيداً بتوزيع الأراضي عليهم وعلى العاملين معهم ،ظواهر وممارسات، كنا لا نريد ان نسمع ولا نتمنى ان تحدث، ونحن نخوض معركة ليست هينة ولا بسيطة للتحول نحو التطبيق الجدي للديمقراطية .. غير انها وبموضوعية لم تكن بمعزل عن الوضع العام الذي يمر به البلد، ولا تتحمل مسؤوليتها جهة من دون أخرى، فالجميع يتحملون بهذا القدر او ذاك مسؤولية هذا التردي بالخدمات، فالذي يسكت عن الخطأ ولا يجاهر به الا عندما يتعلق الامر بمصلحة شخصية ساهم في انتشار الفساد، والذي قبل ان يدخل سوق المحاصصات وتوزيع الدرجات الوظيفية على أساسها مسؤول كذلك عن هذه الظواهر المرضية المرفوضة, وكانت النتيجة هذا الغضب الشعبي السلمي، الذي أراد ان يقول للجميع كفى تلاعباً بمصائر وطننا المبتلى.كان الوضع الأمني غير المستقر الشماعة التي تعلق عليها الوزارات والمؤسسات التابعة لها مسؤولية الإخفاقات، ولكن ماذا عن المناطق التي تنعم بالهدوء والاستقرار، وما هي نوعية الخدمات التي قدمت لها، سواء في الجانب الصحي ام التعليمي ام البيئي وغيرها؟ نأسف ان نقول لم يتحقق شيء من هذا القبيل يتناسب وحجم المبالغ المرصودة والمنفقة، ولا نتمنى ان نقارن بين مستوى ما تحقق من خدمات في بغداد وبقية المحافظات وبين جزء آخر من العراق هو إقليم كردستان، لم تكن تتوفر فيه مقومات اية نهضة، لكنه شهد حملة واسعة من النهوض والتطور تتصاعد يومياً، وانه بميزانية لا تتجاوز العشرة مليارات دولار باشر حالياً حملة وطنية لبناء (100 ) مدرسة عصرية في الاقضية والنواحي، ووضع برامج لدعم البعثات العلمية، وأخرى لتطوير القدرات لتأمين جيل من الكوادر الشابة، إضافة لمشاريع ومبادرات لدعم المشاريع الزراعية والصناعية، وبرغم كل ذلك لم يتوان رئيس الحكومة او أي مسؤول آخر في الإقليم من الاعتراف بوجود مظاهر للفساد ووضعهم التصورات لمحاربته .نكرر القول، انه في الوقت الذي نأسف فيه على هذا البون الشاسع، الذي وصل حد ارتفاع مستوى معيشة أهلنا في الإقليم عن سواهم،تزداد غبطتنا بوجود هذه الإرادة وروحية التعاون التي حولت كردستان الى نموذج نتمنى ان يحذو حذوه المسؤولون في مناطق العراق الأخرى، وان يترجموا حبهم شعبهم، من خلال برامج خدماتية، ونهضة عمرانية واسعة، فما معنى الحب إذا لم تكن فيه تضحية؟!
كردستانيات ..حُبّ وتضحية
نشر في: 29 يونيو, 2010: 06:33 م