عامر القيسي رغم هموم الكهرباء وافرازاتها وما تمخضت عنه من تداخلات سياسية ، الا ان افكار المواطنين ما زالت متجهة الى النخب السياسية القيادية ، والتي سيتحدد بيدها مستقبل العراق على الأقل في سنواته الاربع القادمة . الناس الذين نلتقي بهم عادة مايصفون المشهد السياسي العراقي بالغامض ، وانهم غير قادرين على معرفة ما سيحدث ، ان على مستوى التحالفات الحالية وآفاق استمرارها أو تفككها
، او بالتحالفات المحتملة القادمة في سياق الحراك السياسي ، الذي يتوقف احياناً عن الحركة فيسميه بعض ساستنا ب"الجامد" أو يطلق عليه البعض الآخر في احيان اخر ب" الطريق المسدود " . وفي كل الأحوال فان بعض مشاغل المواطن هي ، عما يمكن ان يفعله السياسيون قبل الذهاب الى الجولة الثانية من اجتماع الجلسة الأولى التي سميت بالمفتوحة. باختلاف التفسيرات والمواقف والاختلافات ، الفكرية منها والسياسية ، وباختلاف فهم الدستور وتطبيقاته ، و الموقف من قرارات الهيئات القضائية العراقية ،فأن الأنتظار حتى اللحظة هو سيد الموقف بالنسبة للمواطنين ، الذين يريدون حلحلة الأمور وانطلاق العملية السياسية باتجاهات صحيحة . التجاذبات بين أطراف العملية السياسية ظاهرة صحية ، وهي جزء من المناخ العام للبناء الديمقراطي الفتي في العراق ، وهي جزء من منظومة معقدة ومتشابكة يشوبها الكثير من اللبس في المفهوم والتفسير والاختلاف . لكن هذه التجاذبات أخذت تنساق الى مناخات غير مطلوبة ، تداخلت فيها المصالح الضيقة مع المصلحة العليا للوطن ولقضية الشعب العراقي ، وانتج هذا النوع من التجاذب ردود فعل سلبية لدى الناس من مختلف اتجاهاتهم وطبقاتهم ومشارب تفكيرهم بما في ذلك النخب الثقافية ، المهمشة اصلا في العملية السياسية ،وولدت قناعات سلبية ، حتى لدى اشد المتحمسين للعملية السياسية ومجرياتها وافرازاتها ، والسبب واضح وبسيط ومفهوم ، هو ان هذه التجاذبات وما تخلقه من فراغات ، حسب تعبير السياسيين انفسهم ، مثل الفراغ الدستوري والأمني والخدمي ..الخ ، قد القت بظلالها السلبية على حياة المواطن اليومية وتفصيلاتها المعقدة رغم كل التطمينات التي تنطلق من هنا وهناك ، وهي عمليا غير مقنعة بالنسبة للمواطن ، لان الواقع اكثر قدرة على اقناعه ، فهو الذي يشهد التراجع في الموقف الأمني ، وهو الذي يشهد غياب السلطة التشريعية عن اداء دورها وتشريع القوانين التي تسهل حياته ، وهو الذي يشهد الركود الاقتصادي بانتظار النتائج ، وهو الذي يشهد مستويات الاختلافات من على شاشات الفضائيات ، وهو الذي يشهد بعد المظاهر التي اعتقد الى فترة قريبة انها اصبحت في حكم الماضي ! الواقع يقول شيئا والخطابات السياسية تقول شيئا آخر ، ومن جراء هذا التباين تظهر للسطح افكار اللامبالاة والسلبية وعدم الثقة بالمستقبل ، ويصبح من الصعب اشراك المواطن في تفصيلات العملية السياسية مثل الاعمار والأمن . أصحاب الدم الخفيف يقولون ان اداء السياسيين عندنا يشبه اداء المنتخب العراقي لكرة القدم ، فهو يتلكأ في البداية ثم يخسراحدى المباريات ليصل الى مايسمونه " عنق الزجاجة " ثم ينتفض في بعض الأحيان ،بعد حبس انفاس الجمهور والتلاعب بأعصابهم . اذا كانت المقارنة معقولة الى حد ما فاننا جميعا بانتظار الخروج من عنق الزجاجة رغم حرق الأعصاب والشامتين!
كتابة على الحيطان : اتفاقات اللحظة الاخيرة...
نشر في: 29 يونيو, 2010: 07:54 م