اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > إبراهيم كبة .. قد تنفع الذكرى

إبراهيم كبة .. قد تنفع الذكرى

نشر في: 30 يونيو, 2010: 04:40 م

د. عصام الحافظ * أقتربنا منه، حيث كان واقفا وحيدا في الطرف المشمس من باحة الكلية  في يوم ربيعي دافئ، وفي وقت كانت فيه الكلية تشهد " هرج ومرج" رجال أمن ومسلحين، وطلاب يتهامسون ويصوبون انظارهم جهة العمادة حيث كان رئيس الجمهورية آنذاك أحمد حسن البكر  في زيارة " مفاجئة " لكليتنا، وكان في تلك اللحظة في حالة أجتماع مع الاساتذة  في احدى قاعات الجامعة.
- ناكده، كالعادة ، زميلنا جانيك:"ها أستاذ شو أنت مارايح ويّ الاساتذة للاجتماع مع الرئيس"؟- انتفض وبلهجته المميزة: " خلك عسكري مايعرف غير استاريح واستاعد وجاي يعطي نصائح للاساتذة ، هو شمفهمه بهاي الامور، يعني كان أمامي حلّّّين أما أن احضر واتصدى له! أو الاحسن لي والاسلم أن لا اشارك في هذا الاجتماع، وهذا مافعلت ". منذ أن دخل الى قاعتنا في أول محاضرة  تأكدنا ( من معلوماتنا السابقة ) بأننا أمام أستاذ وانسان مختلف عن بقية الاساتذة والمدرسين. إنه من نوع فريد في مواصفاته، رجل دولة وسياسي وقبل كل ذلك وفوقه مفكر ومثقف حقيقي كبير. عندما يبدأ بالحديث يمتلك كل أدواته من الجغرافيا الى التأريخ والدين والفلسفة والاجتماع والاقتصاد، يقرأ ويكتب بأكثر من خمس لغات. تأسرك حججه ومعلوماته، يتوغل في اعقد الموضوعات وأشدها تنّوعا في الرأي ليس عارضا لها وحسب بل ومحلل ومناقش، مبحرا بك في لجة أفكار ريكاردو وادم سمث  وتوماس الاكويني وجان باتيست سي ومالثوس وبردون وسيسموندي وكونار وكينز وماركس وشومبيتر وأريك رول  ولانكة وعشرات غيرهم. يقودك عبر أهم تيارات تأريخ الفكر الاقتصادي بدأ ًمن الفكر اليوناني، عبر السكولائية والمركانتيلية والفزيوقراط والمدرسة الكلاسيكية والماركسية وصولا الى النظرية الكينزية واللبرالية الجديدة وغيرها. وعلى الرغم من أن كتابه الموسوم: ( دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي ) يقع في اكثر من 550 صفحة الا انه يعتبر (وهو الواقع) انه مجرد ملخصات مكثفة لموضوعات اثيرت في المحاضرات. لقد كنا والى جانب هذا الكتاب (والذي اعتبرناه آنذاك وخاصة مقارنة بما يقدمه لنا بقية الاساتذة من الكتب الضخمة وفوق الطاقة) كنا مضطرين الى ملاحقة المحاضرة كتابيا من اجل توضيح الكثير مما ورد في الكتاب بشكل مختصر.  نعم، ذلك هو أستاذنا الجليل إبراهيم كبة، الذي كان وقورا وذا شخصية قوية تأسرك بعلمها ودماثة خلقها على عكس الكثيرمن الاساتذه الذين يتصنعون الوقار. والى جانب ثقافته وعلمه، لم يكن هيابا بل قُل كان حادا أن تطلب الامر ذلك ، ولنا في كتابه هذا هو طريق 14 تموز الصادر عام 1969  خير دليل.    أحد ممثلي الاتحاد الوطني لطلبة العراق (وهو المنظمة الرسمية التابعة للسلطة انذاك) سأله بشأن موضوع تخصيص نسبة من الكتب المطبوعة من الاساتذة للطلبة الفقراء حسب تعليمات جامعة بغداد، فقد كانوا يحبون الهيمنة على كل شيء وأن يجري عبرهم. أجابه متذمرا: لقد اعطيت الكتب لممثل اتحاد الطلبة العام وسيوزعها بمعرفته.    جواب اخرس هذا الممثل وافقده القدرة على الكلام. مطالع شغوف يلتهم الكتاب بوقت وجيز في احد الايام وجدناه يقلب كتابا ما في أحدى مكتبات الباب الشرقي (الاقرب الى ساحة النصر ولااتذكر أسمها). بادرناه بالتحية، أجابنا بسرعة وظل مشغولا بالكتاب الذي بين يديه ، عندما غادر توجهنا الى صاحب المكتبة ، والذي كان على معرفة بنا.- احد الزملاء مخاطبا صاحب المكتبة:(عمي هاي حتى الاستاذ كبة يشتري منك، مستدركا، بس دير بالك لاتخلي الاستاذ كبة يكلب الكتاب، لانه عندما يكلب الكتاب يعني قرأه وعند ذاك لن يشتريه)، لأنه قارئ سريع يجيد ماتعرف بالقراءة العمودية.- عقب صاحب المكتبة مازحا: هو كل مايجي يكلب عدة كتب ربما يشتري واحدا وربما لايشتري! كان من عادة البعض منا وعندما ندرس المادة وضع خطوط تأكيدية تحت أهم الافكار في الكتاب الذي نقرأه. ولكننا وجدنا أنفسنا وعند دراسة  مادة (تأريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي، اننا نضع تلك الخطوط تحت جميع الاسطر فقد كانت كل جملة لها موقعها في السياق ولايجوز تجاهلها، وتلك ميزة لا تجدها عند غالبية الكتاب والمفكرين العرب، حيث الاطناب والخروج عن الموضوع صفة ملازمة للغالبية العظمى من الكتاب بما فيهم المعاصرون. اما الجملة أو الفكرة المكثفة فنجدها هي السائدة في التأليف الاوربي ان صح التعبير. وبعد سنوات وفي أوربا بدأت انتبه الى أن كتابات كبة تدلنا على أنه كان يفكر بعقلية أوربية أن صح هذا الوصف مبتعدا عن الاطناب والحشو والجمل الاستعراضية والشعارات وغيرها من الاساليب التي تضعف الكتابة الاكاديمية وتضيع هدفها.في ترجمته لكتاب (أوليفر كوكس): " الرأسمالية نظاما "، يقدم الاستاذ كبة للكتاب بدراسة نقدية عن الكتاب والمؤلف، يناقش فيها آراء وافكار كوكس فيقول مثلا :" لقد قلنا بأن المؤلف يستوحي الكثير من أفكاره إضافة الى منهجه من الفكر الماركسي أساسا، إلا أن تفسيراته للماركسية في بعض الاحيان تفسيرات ساذجة وخاطئة ووهمية ". بل أنه في موقع آخر  يوصف الكاتب بأنه وقع في  " العيوب الاساسية والخطيرة " الا أنه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram