علي حسين إصرار المدعي العام على مقاضاة المدى لنشرها خبراً عن وزير التجارة السابق، إنذار شديد اللهجة للصحافة كلها،وتأكيد بأن العجلة تسير إلي الوراء. ما الذي حدث في المجتمع، حتى يفكر القضاة، صفوة المجتمع، وضميره، وحراس القانون والدستور والشرعية، بهذا الشكل الصادم، وكيف ينضم من كنا نتصور أنهم قادة التنوير إلى صفوف الفساد والمحسوبية والانتهازية؟
كيف يمكن حماية حرية الاعلام من الأحكام والقرارات التي تخالف الدستور؟.. النصوص شديدة الوضوح، وما جاء في الدستور يضمن حق الناس في الاطلاع على المعلومات. هل يتحمل خبر نشر عن وزير قدم للمحاكمة وادين أحد أشقائه ومدير مكتبه الاعلامي بقضايا فساد مالي ولازالت القضايا المتعلقة بالوزارة كثيرة تحتاج الى الحسم. لعل السؤال الأهم في هذه القضية لماذا خفت صوت الادعاء العام وهو يرى أموال الناس تنهب والحصة التموينية تتحول الى بضائع لا تصلح للاستهلاك البشري، لماذا لم يمارس الادعاء دوره في حماية المجتمع واستقراره؟! السؤال الأكثر أهمية: إذا كان القضاء يتعامل على مبدأ (المسؤول دائما على حق) فكيف سيصدر قرارات تحمي الناس وأموالهم من جشع المسؤولين؟! هل أصبح القضاء العراقي يصنف الناس صنفين ويضعهم على طرفي نقيض، قضاء مع التستر على فساد أولي الأمر وزيادة رصيدهم في البنوك الأجنبية، وقضاء يعد الانفاس على الناس ويسعى لقمع الحريات العامة. لماذا هذا الإصرار على إدارة الأزمة بين الصحافة والمسؤولين بالعناد؟ فبعد أن وضع المجتمع آماله على القضاء لم يعبأ هذا القضاء بمعاناة الناس وهمومهم. هل أصبحت المسألة أن كل من يريد أن يفعل شيئًا في هذا البلد يفعله دون أن يعمل حسابًا للآخرين.. وإذا كان هذا يحدث، لماذا يقف القضاء مكتوف الأيدي ولا يعيد للناس حقوقهم؟ هل يعود القضاة في قراراتهم وتوصياتهم إلي الدستور أم إلى أمزجتهم الخاصة؟ وماذا يحدث إذا حكم كل قاضٍ بقانونه الخاص أو الذي يعتقد بصحته؟ ما فعله المدعي العام حين قرر ان يقاضي المدى هو لعب بالنار، لأننا في دولة نعتقد انها تحكم من خلال المؤسسات، والسلطة القضائية هي أعلى مؤسسات الدولة، فكيف يكون حالنا مع هذا الاعتداء الخطير؟
العمود الثامن: اللعب بالقانون
نشر في: 30 يونيو, 2010: 06:15 م