تيسير نظميالزلزال(بو الارواح)، بطل هذه الرواية، احد ملاك الاراضي المتضررين من الاعلان عن ميثاق الثورة الزراعية عام 1971. ما ان سمع بخبر ان الحكومة ستوزع الاراضي على الفلاحين حتى عجّل بالبحث عن اقاربه ومعارفه ليكتب اراضي بأسمائهم شريطة عدم حيازتهم لها الا بعد وفاته.
وذلك تهربا من مبادئ وبنود الثورة الزراعية التي كانت ضد مصالح فئة قليلة من كبار ملاك الاراضي ولمصلحة الغالبية العظمي من الفلاحين المعدمين الذين لا يمتلكون اراضي يفلحونها. (بو الارواح)، الذي كان خارج الجزائر طيلة سنين الثورة الذي لم يشارك في الثورة، والذي حاز على معظم الاراضي بطرق مشروعة ايام الاحتلال الفرنسي وبطرق غير مشروعة ترتعد فرائصه ويتمني ان يلتهم زلزال ماحق الجزائر المستقلة وما عليها من (رعاع) يريدون مشاركته في ارضه! وهؤلاء (الرعاع) لم يكونوا سوي الفلاحين الجزائريين والفقراء الذين ناضلوا عشرات السنين ضد المستعمر الفرنسي، بدءا من الانتفاضة الوطنية بقيادة عبد القادر الجزائري عام 1830، ومرورا بالانتفاضات الفلاحية المتتالية عام 1971 وبروز الطبقة الفلاحية كقوة نضالية وسياسية مهمة واصلت النضال مع الأحزاب الوطنية والحركة العمالية الحضرية إلي أن نالت الجزائر استقلالها عام 1962، ولم يبق بعد ذلك إلا أن ينال الفلاح حقه في وطنه المستقل. لكن (بو الارواح) يترحم على أيام الفرنسيين(!) وبمقدار مساحة اراضيه التي يمتلكها ولا يفلحها، حيث يعمل مديرا لاحدي المدارس الثانوية بالعاصمة، تمتليء نفسه بالحقد والكراهية للمواطن الجزائري وللمدينة الجزائرية، التي امتلأت (بالرعاع) بعد ان كانت هادئة بشكل لافت للنظر تنطلق منها العطور والحسان الاوروبيات كالحوريات يملأن الشوارع بهجة وحبورا! والصخرة التي تقف عليها مدينة قسنطينة يتمني لها بو الارواح ان تتحرك (فتذوب بمن عليها فلا تجد الحكومة لمن تعطي الارض).الواقعية النقديةتنتمي رواية (الزلزال) فنيا لروايات الواقعية النقدية، وترسم شخصية حية لبطلها في حركته، تجواله، ردود فعله، فـ(أبو الارواح) حاضر في كل صفحة. حاقد في كل خلجة من خلجاته. ينتمي ذهنيا لثقافة كان لها محتواها الثوري ضد المستعمر الاجنبي عندما نظم رجال الدين وبعض المفكرين عام 1930 انفسهم بقيادة عبد الحميد بن باديس تحت شعار (الاسلام ديني، والعربية لغتي، والجزائر وطني) وينتمي (بو الارواح) اجتماعيا واقتصاديا للبورجوازية المدينية ــ وملاك الاراضي، وكل من يقفون في صف العداء تجاه قوي التحرر الاجتماعي والتحول نحو مجتمع اشتراكي بثورة زراعية، وامام هذا(الزلزال) بمعناه الوطني يعود بو الارواح الي الاولياء والصالحين)! ان يتطاول الحفاة العراة، رعاة الشاة في البنيان، وان تلد الامة ربتها. ان ينقلب الاسفل على الاعلى، وان لا يبقي هناك اسفل واعلى، فتلك علامة قيام الساعة. وها هي تحل.. ان زلزلة الساعة شيء عظيم).(بو الارواح) مقنع، بل شخصية تتمتع بملامح حية كما قدمه الطاهر وطار، وكما سبق له وان ارتقى في روايته (اللاز) باللاز الشخصية الواقعية الى الرمز للشعب الجزائري برمته، فانه في (الزلزال)" يرتقي بشخصية (بو الارواح) الى الرمز للقوى المعادية لمستقبل الجزائر وشعبها وكل ذلك بعد أن يستكمل تقديم الشخصية بشروطها وملامحها الواقعية التي تكاد تكون مع بطل (الزلزال) في نظرنا، شبه خرافية أو اسطورية.فالواقعية النقدية في (الزلزال) تبدو في اروع تجلياتها كمنهج فني، ربما يفوق اخفاقات الاقتراب من (الواقعية الاشتراكية) كمنهج فني في رواية (العشق والموت في الزمن الحراشي)rnامتداد (بو الارواح)rnفي نهاية (الزلزال) تلقي الشرطة الجزائرية القبض على بو الارواح قبل ان ينتحر. وفي (عرس البغل) ينتهي خريج جامع الزيتونة في ماخور، والمصلح الديني في مقبرة يتعاطى الحشيش، غير ان القوى المعادية، والمعرقلة لتقدم الجزائر تجد في كل فترة مخارجها الخاصة وامتداداتها،ففي رواية (العشق والموت في الزمن الحراشي) تقف شخصية الطالب الجامعي مصطفي كرمز ودلالة على هذه القوي التي يمثلها سي منصور (همه في ادارة الضرائب التي يشرف عليها ان يتحايل على ان لا يدفع الاغنياء الضرائب.. لانه يأخذ عليهم الرشا. استطاع وهو الموظف العادي ان يبني قصرا لا يضاهيه سوى مقر الدائرة بالمدينة، وترشح لانتخابات القسمة وفاز قبل حمو المجاهد، اعتمد على العروشية على المسؤولية السياسية الوحيدة في القرية).هذا هو سي منصور، اما الطالب الجامعي مصطفى فكل همه ان يخرب على الطلبة المتطوعين لتنفيذ برامج الثورة الزراعية، فيعمل مع طلبة مضللين لمصلحة شخصيات وقوى خارج الجامعة، لدرجة انه أراد حرق وجه جميلة المناضلة بالحامض لتشويهها حيث يعتبرها من أعوان إبليس.(العشق والموت في الزمن الحراشي) رواية من طراز جديد بين روايات الكاتب بطولتها مسندة لطالبات جامعيات يشاركن في الثورة الزراعية كمتطوعات. جميلة، وثريا، وفاطمة، ودليلة وسهيلة واليامنة وطلاب جامعيين في الكتاب الثاني من رواية (اللاز).... فاللاز وحمو والربيعي وبعطوش وغيرهم من شخوص رواية ما قبل الاستقلال نتابع ما آلت اليه احوالهم في جزائر ما بعد الاستقلال من خلال صفحات هذه الرواية... ومن البطولة الفردية في
من الواقعية النقدية إلى نموذجية عربية
نشر في: 2 يوليو, 2010: 04:28 م