TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > أحلام عباس وعلاوي فـي الوصول إلى الجامعة

أحلام عباس وعلاوي فـي الوصول إلى الجامعة

نشر في: 2 يوليو, 2010: 08:18 م

 بغداد/ كاظم الجماسيحتى وقت قريب كان ابو عباس يعيل زوجته واثنين من اولاده الذكور، يوفر لهم لقمة عيشهم ومصاريف دراسة ولديه من العائدات المتواضعة المستحصلة من بسطته في ساحة الطيران والتي يبيع منها الخضروات والفواكه طوال النهار، ليعود بالمقسوم مساء الى (بيته) اذا صحت تسمية الدكان الصغير المفروز من منزل احدهم والذي تشغله العائلة بالبيت.
ألفت عائلة ابو عباس حياتها على تلك الوتيرة، يخرج ابو عباس فجرا الى علوة الخضروات يتبضع حاجة بسطته، ويعود بها الى ساحة الطيران، يفرش الخضروات والفواكه على خشبة مستطيلة عرضها متر ونصف، وطولها اكثر من مترين، ويظل ينادي على البضاعة حتى مغيب شمس النهار، فيما يذهب صباحا عباس وأخوه علي الى المدرسة القريبة من بيتهما، يحلم عباس بأن يصبح طبيبا فيما يحلم علي اخوه، بأن يتخرج رساما..غيران يوم الاحد من شهر تموز من العام 2006 كان يوماً مشؤوما على (ابو عباس) وعائلته، فقد زرع احد الاوباش في غفلة من الزمن عبوة ناسفة، تحت احدى البسطات في ساحة الطيران في الباب الشرقي، ما لبثت ان بعثرت اجساد عدد من الباعة الفقراء وبعض المارة ، واحالتها نتفا من الاشلاء، وكان من بينها جسد (ابو عباس).تقول ام عباس: (كان اسود يوم شفته في حياتي)،  وقع الخبر وقوع الصاعقة على رأسي، اذ انهدم عمود بيتي وفقدت والد عباس وعلاوي، فقدت من كنت أعده اخي في النوائب، وحبيبي في الافراح على قلتها، وزوجي الذي قضيت معه شطرا كبيرا من عمري على السراء والضراء.وتضيف ام عباس التي لايبين من وجهها سوى عينين دامعتين: كانت لحظة فقدان ابو عباس بداية لمسلسل من المصائب، لم يقف فيها احد معنا، لا من اعمام اولادي ولامن اخوالهم، بقيت وحيدة امام قدر ظالم، لم أشاء ان اهزم، ذهبت الى علوة جميلة، بمعية عباس وعلاوي وصديق للمرحوم، استقبلني اولاد الحلال من التجار، اعطوني كمية من البضاعة بالدين، من التي كان أبوعباس يشتريها منهم، اخذتها بمعية صديق المرحوم الذي دلني على مكان بسطته، واعدت تنظيف المكان وترتيبه، وباشرت العمل، كان يوما عصيبا علي وعلى اولادي، ولكن اتكالنا على الله اولا ومن ثم على انفسنا وبمساعدة الطيبين، جعلنا نستمر...ولما سألتها عن مصير دراسة ولديها، هزت يدها ضاحكة بمرارة: الدراسة حظ البطرانين.. عباس يساعدني بالبسطة، وعلاوي ذاك.. يبيع اكياسا بلاستيكية في السوق.وتذكر ام عباس انهم مازالوا يسكنون نفس الدكان، على الرغم من زيادة بدل ايجاره من قبل ابو الملك.وبشأن مستحقات زوجها الشهيد اوضحت ان مجلس محافظة بغداد منحها قبل فترة إعانة، وتكرر الامر، غير ان ذلك لايداوي جرحها- على حد تعبيرها- انها تبحث اساسا عن راتب تقاعدي يمكن ان يكون ضمانة لها ولاولادها، ولكنها لم تحصل سوى على الوعود حتى الان.واستدركت ان مؤسسة الشهداء، كما بلغتها مؤخرا تدرس شمول اسر شهداء الارهاب،بامتيازات ورواتب شهداء النظام السابق، ومنحهم مبلغ سبعة ملايين دينار، وترويج معاملات تقاعد لمن لم يكن منتسبا الى دائرة حكومية، وتأمل ان يتحقق ذلك، وفي حال تحققه، تقول ام عباس: نذر، أن اجعل عباس وعلاوي يصلون الى الكليات ويتخرجون.غادرت هذه العراقية التي يثير صمودها الاعجاب وشخصيتها الاحترام والتقدير، وفي خاطري يتردد سؤال بحجم مأساة ام عباس: كم من عراقية مثلها، في طول البلاد وعرضها، تستحق وقفة مسؤولية من لدن المسؤولين؟        

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram