TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الصيـن بلـد أذهـل العالـم

الصيـن بلـد أذهـل العالـم

نشر في: 3 يوليو, 2010: 04:43 م

فوزي الاتروشيالصين دولة مذهلة تجري نحو المستقبل بسرعة قياسية ليس على مستوى الاقتصاد فحسب، وإنما أيضا على صعيد بناء الإنسان واستيعاب البعد الحضاري المعاصر في المعرفة والعلم والتقدم الاجتماعي والتواصل مع نبض العالم. لذلك فهي دولة منفتحة مشرعة الأبواب تركت الانطواء والانعزال جانبا واندمجت بكل قوتها مع حركية العالم وتغيراته.
نسبة النمو السنوي فيها بلغت (12) بالمائة وهذه نسبة تجعل المرء يقف لينظر بتمعن لماذا أصبح ذلك ممكناً؟ والجواب إن الفرد الصيني يعمل بدقة الساعة وبإخلاص لا متناهي للوطن، وتحت فكرة انه إن لم يعمل سيجوع في دولة زراعية بالأساس تعتمد العمل اليدوي والذهني أساساً حيث لا وجود لحقول الذهب الأسود التي تدرّ الخير الجاهز وتستدعي تكاسل العقل.إنها دولة المليار و(350) مليون إنسان، ولكن الطعام والمأوى والكهرباء والخدمات متوفرة للجميع، والكل يعمل أكثر من (8) ساعات في اليوم دون كلل أو ملل أو تقاعس أو تهرب. فالفرد الصيني رقيب نفسه ولا داعي لدفعه وتحريضه على العمل والعطاء والانجاز. وقضية اللاعنف والتسامح والحوار وعبادة العمل والتكافل الاجتماعي، هي أصلا من صلب تعاليم (كونفشيوس) المعلم الأول للغالبية العظمى من الصينيين. للفترة من 16/6 ولغاية 26/6/2010، كنا في الصين على رأس وفد حكومي وثقافي لمواصلة التباحث في تجديد البرنامج التنفيذي للاتفاقية الثقافية العراقية_الصينية وكذلك للحضور إلى مهرجان العالم العربي للفنون ضمن وفود من (12) دولة عربية.قدم الفريق العراقي عروضاً للأزياء ومعرضاً للفنون التشكيلية وعقد علاقة صداقة متينة مع الجانب الصيني وتعرف الصينيون على ملامح جديدة من الثقافة العراقية في العراق الجديد.وقدمت سوريا ومصر وتونس والمغرب والصومال وجيبوتي والجزائر وفلسطين والبحرين والسعودية عروضاً فنية التقت كلها على طريق ترسيخ العلاقة بين هذه الدولة العظيمة وعالمنا. وعادت بنا الذكرى قروناً إلى الوراء ونحن نشاهد في مدينة (نيغيشيا) الإسلامية العرض المسرحي الرائع الذي يتحدث عن طريق الحرير وبدايات قدوم المسلمين إلى الصين. و(نيغيشيا) هي مركز مقاطعة إسلامية تبعد ساعتين بالطائرة عن (بكين)، وسكانها مسلمون من قومية (هوي) والمدينة عامرة بالقباب والمساجد والمظاهر الإسلامية وفيها مكتبة عامرة بالكتب، وأجمل ما في هذه المقاطعة هو هذا الإسلام المعتدل المتصالح والمتعايش مع الديانات الأخرى دون حدود أو سدود ودون أي مظهر من مظاهر العنف.أثناء زيارتنا قدم المترجمون الصينيون متظلعين من اللغة العربية مقالا يحتذى به في الحماس والتفاني في العمل لجعلنا في قلب الصورة ولشرح مجمل النواحي أردنا التعرف عليها وقد اخبرونا أنهم يعملون بشكل تطوعي دون اجر أو مكافأة لان خدمة الوطن واجب لا يستدعي الشكر.وبالمناسبة فان (25) جامعة من الصين فيها أقسام للغة العربية وسنويا يتخرج (2000) من الطلاب الحائزين على شهادة في اللغة والثقافة العربية هذا يشير إلى حجم الهوة بيننا وبينهم حيث مازلنا ابعد ما نكون عن استيعاب حضارة وثقافة هذا البلد العظيم، ولذلك فإننا في كلمة العراق التي ألقيناها في الندوة الثقافية في اليوم الثاني للمهرجان رحبنا بفتح معهد (كونفشيوس) في بغداد ووجهنا دعوة للجانب الصيني للحضور إلى فعاليات النجف عاصمة للثقافة الإسلامية وفعاليات بغداد عاصمة للثقافة العربية.إن الصين شريك اقتصادي وثقافي كبير للعراق وفي شهر أيلول القادم سينعقد المنتدى الاقتصادي العربي في الصين وبالذات في المقاطعة الإسلامية ذات الحكم الذاتي التي اشرنا إليها، وهذه فرصة ذهبية  أخرى للعراق لاستثمارها والاستفادة القصوى من الخبرة الصينية في الاقتصاد لاسيما في قدرتهم على حل مشكلة الكهرباء في هذا البلد المترامي الأطراف من خلال تحويل هذه المهمة إلى شركات عملاقة عوضاً عن وزارة مكلفة بتجهيز الطاقة الكهربائية. إن العراق يستطيع فعلا أن ينهض إذا ألقى بتحفظاته على تجارب العالم في سلة المهملات وشرع في التعرف على أهم المفاصل الايجابية فيها لنقلها إلى العراق البلد الذي يتوفر فيه إنتاج هائل واحتياطي هائل من النفط إضافة إلى الثروات المعدنية الأخرى. لقد انفتحت أمامنا أبواب الصين وإذا كان طريق الحرير قد وفر لأجدادنا فرصة اللقاء بحرير الصين فإننا أمام فرصة أخرى للاستفادة من تجربة ناهضة بتصميم وإرادة حديدية وبنعومة وأناقة حريرية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram