TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > حركة التنوير الإسلامي بعد فضل الله

حركة التنوير الإسلامي بعد فضل الله

نشر في: 4 يوليو, 2010: 10:10 م

 محمد عبد الجبار الشبوطيثير رحيل الفقيه الامام السيد محمد حسين فضل الله، فضلا عن الحزن كشعور انساني مبرر، تساؤلات كثيرة عن مستقبل حركة التنوير الاسلامي، على الصعيد الاسلامي الشيعي في الاقل، والتي كان من كبار قادتها ومفكريها سوية مع الامام الراحل محمد مهدي شمس الدين، والامام الشهيد محمد باقر الصدر، رضوان الله تعالى عليهم جميعا.
حمل فضل الله لواء التجديد في الاسلام منطلقا من الخطوة الجبارة التي اعلن عنها في وقت مبكر من حياته الفكرية والتي تضمنت فك الاشتباك بين الاسلام، كدين موحى ومعبر عنه في كتاب مقدس منصوص لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،  من جهة، وبين الفكر الاسلامي كجهد بشري، يمثل حصيلة التفاعل الانساني بين النص المقدس الثابت، والواقع الانساني المتغير والمتحول،  والقابل للنقد والخطأ والتجاوز من جهة ثانية.  موضحا ان التجديد يأخذ  معنيين الاول تجديد فهم القرآن، والثاني تجديد الفكر الاسلامي البشري. وانطلق من خلال هذه الخطوة التأسيسية الى خوض معاركه الفكرية على جبهتين، هما: اولا، جبهة  تفسير القرآن برؤية عصرية تلتقي مع منهجية محمد باقر الصدر الذي كان يدعو الى فهم القرآن بناء على قراءة ثانية، تنطلق من ثقافة العصر وما تثيره من اسئلة بوجه المفسر، ويتحرى الجواب عنها من خلال التأمل بالنص القرآني القادر على الانفتاح على ذهنية المفسر بعد توفر انفتاح ذهنية المفسر على ثقافة عصره.  معلنا بذلك شرعية اختلاف العصور في فهم القرآن، وشرعية اختلاف المفسرين تبعا لذلك في ذلك. وعليه نصل الى القول بانه اذا كان القرآن نصا الهيا ثابتا، فان تفسيره وفهمه فعل بشري متغير ومتحول. ثانيا، جبهة انتاج فكر اسلامي يستجيب لمقتضيات العصر وحاجاته واسئلته، بما في ذلك الفقه الاسلامي، بوصفه الجانب الحقوقي من هذا الفكر، من خلال استيعاب العصر  اولا، وطرح تساؤلاته على المصادر التأسيسية للاسلام مثل القرآن والسنة والقواعد العامة للشريعة، ثانيا، واكتشاف علاقات جديدة بين النصوص الاسلامية تؤسس بدورها لعلاقات جديدة بينها وبين الواقع المعاش، ثالثا.  ولكي تكون هذه الخطوات شرطا لانتاج فكر اسلامي جديد ينطوي على عنصري الاصالة والحداثة في ان.وكان هذا يتطلب اخضاع البحث الاسلامي الى القواعد العملية المتجددة، والاستفادة من معطيات العصر وانجازاته الفكرية. وفوق هذا كان يتطلب شجاعة نادرة في تجاوز المألوف والمعروف والمتوارث من قواعد الفكر متى ما وجد فيها ما يخالف القواعد الانسانية والعقلية الكبرى التي كان بعضها مخفيا في دائرة اللامفكر فيه، ليقوم بتسليط الضوء عليها والافتاء بما يعتبر خروجا عن الاجماع التقليدي الموروث. اذكر في هذا السياق فتواه في عدم "نجاسة" المشرك نجاسة عينية، لقوله ان الانسان بذاته لا يمكن ان يكون نجسا، كما هي الاعيان النجسة الاخرى، وانما هي "نجاسة معنوية"، تستهدف تنفير المسلم المؤمن من حالة الشرك والكفر،  مخالفا في ذلك فتاوى من سبقه من كبار الفقهاء.السؤال الذي يثيره رحيله عن مستقبل حركة التنوير والتجديد بعده سببه ما تعانيه هذه الحركة من انقطاعات وعدم تواصل  بين حلقاتها، لأسباب وظروف خارج سياق هذه المقالة. فقد استشهد محمد باقر الصدر وبقيت مدرسته الفكرية يتيمة لم تجد من يواصلها ويطورها ويبني على مقولاتها، وكذلك الحال مع مدرسة محمد مهدي شمس الدين، التي لم تجد من يفرع على مقولاتها التأسيسية  مثل ولاية الامة على نفسها،  واليوم  نتساءل عن مستقبل التجديد في الفقه الاسلامي بعد رحيل فضل الله.يكاد الشارع الاسلامي يكون اسير الصراخ العالي الذي ينبعث من البؤر الاصولية والتقليدية المعادية للتنوير والتجديد والتحديث، وغير القادرة على التلاؤم مع عصرها، وغير القادرة على انتاج حداثة اسلامية تتناغم مع العصر،  فيما ينكفئ اصحاب النظرة التجديدية والجرأة الفكرية في زوايا  ضيقة، حتى لا اقول مظلمة.لذا يكون رحيل فضل الله بمثابة سقوط لفارس مغوار في معركة لم تحسم نتائجها لصالح معسكره بعد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

التغير المناخي في العراق يعيق عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.. متى تنتهي المعاناة؟

متابعة/المدىرأت منظمة "كير" الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، إن التغير المناخي في العراق أصبح عائقاً أمام عودة النازحين لمناطقهم الأصلية.وبحسب دراسة أجرتها منظمة كير الدولية للإغاثة والمساعدات الإنسانية، فبعد ان كانت المعارك والاوضاع الأمنية في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram